للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعكسه النهار)؛ لما روى مالك عن الزهري عن حزام بن سعد: أن ناقة للبراء دخلت حائط قوم فأفسدت، فقضى رسول الله على أهل الأموال حفظها بالنهار، وما أفسدت بالليل فهو مضمون عليهم (٦٤) (إلا أن تُرسل) نهارًا (بقرب ما تتلفه

بسببه مطلقًا؛ للتلازم؛ حيث يلزم من بنائه الجدار بهذا الشكل: أن يضمن ما تلف بسببه؛ لكونه قد اعتدى بفعله ذلك، وظاهر فعله: أنه قاصد إيذاء الآخرين بذلك.

(٦٤) مسألة: إذا كان لزيد بهيمة، فأتلفت تلك البهيمة زرعًا أو شجرًا لعمرو: فإن زيدًا يضمن ما أتلفته بالليل فقط، أما ما أتلفته في النهار فلا يضمنه؛ للسنة القولية: حيث إن ناقة للبراء دخلت حائط قوم فأفسدت فقضى على القوم -أهل الأموال- حفظ أموالهم بالنهار، وما أفسدته في الليل فهو مضمون عليهم، وهذا يلزم منه: عدم ضمان ما أفسدته البهيمة بالنهار. فإن قلتَ: لِمَ شُرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن العادة قد جرت أن أهل المواشي يرسلونها نهارًا في مواضع رعيها، وحفظها ليلًا، وعادة أهل المزارع، والأشجار، والأملاك حفظها نهارًا، دون الليل، فإذا ذهبت البهائم ليلًا كان التفريط من أهلها بتركهم حفظها في وقت حفظها فضمَّنهم الشارع ما أتلفته؛ حماية لحق المزارعين وأهل الأملاك من الضياع، وإذا تلفت نهارًا كان التفريط من أهل الزروع والأملاك بتركهم حفظها في وقت حفظها، فلم يضمِّن الشارع أهل البهائم ما أتلفته منها، حماية لحق أهل البهائم، فكان في هذا الحكم مراعاة للطرفين، وهذا منتهى العدالة والإنصاف، فإن قلتَ: لا يضمن صاحب البهيمة مطلقًا: أي سواء أتلفت بالليل أو النهار، وهو قول أبي حنيفة؛ للقياس؛ بيانه: كما أن صاحب البهيمة لا يضمن ما أتلفته بهيمته بالنهار، فكذلك ما أتلفته بالليل لا يضمنه والجامع: أنه في كل منهما يده ليست عليها. قلتُ: هذا فاسد؛ لأنه قياس مع الفارق؛ لأن النهار ليس كالليل بالنسبة لحفظ البهيمة وعدمه، فالفرق بينهما كما سبق بيانه =

<<  <  ج: ص:  >  >>