للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والفواسق (٦٠)، وإن حفر في فنائه بئرًا لنفسه: ضمن ما تلف بها (٦١)، وإن حفرها لنفع المسلمين بلا ضرر في سابلة: لم يضمن ما تلف بها؛ لأنه محسن (٦٢) وإن مال

(٦٠) مسألة: يجوز للمسلم قتل هرة أو نمل أو أيٍّ حشرةٍ إذا حصل منها تخويف لبني آدم، أو أكل أيَّ شيء له ثمن: سواء كان لحمًا أو غيره؛ للقياس؛ بيانه: كما يجوز قتل الفواسق الخمس في الحل والحرم وهي: "الفأرة، والحية، والعقرب، والحدأة، والكلب الأسود" كما ورد في السنة القولية فكذلك يجوز قتل الهرة، ونحوها من الحشرات المؤذيات، والجامع: دفع الأذى عن المسلم في كل وهذا من باب: "القياس على المحصور بعدد"؛ لأن المراد: مقصد الحديث، لا الألفاظ، وهذا هو المقصد الشرعي من ذلك.

(٦١) مسألة: إذا حفر شخص بئرًا في فناء داره -وهو المكان الخارج عن داره القريب جدًا من جدارها -ولم يسد ذلك البئر سدًا يمنع من السقوط فيه: فإنه يضمن ما تلف فيه: سواء كان ذلك الحفر بإذن الإمام أو نائبه أو لا؛ للتلازم؛ حيث إن ما تلف حصل بسبب تعدِّيه لغير مصلحة الجميع، بل لمصلحته فقط: فيلزم أن يضمن كل ما تلف بسبب ذلك، فإن قلتَ: لِمَ شُرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه حماية الناس من الإضرار بهم، فإن قلتَ: إن حَفَرها بإذن الإمام أو نائبه: لم يضمن ما تلف في ذلك، وهو قول الشافعية؛ للقياس؛ بيانه: كما يجوز له أن يأذن في القعود بهذا الفناء والطريق، ولو تلف شيء بسبب القعود: فإنه لا يُضمن فكذلك الحال هنا، والجامع: أن للإمام الإذن في الانتفاع بما لا ضرر فيه. قلتُ: هذا فاسد؛ لأنه قياس مع الفارق؛ لأن الإذن في القعود لا يدوم عادة ويمكن إزالته في الحال، بخلاف حفر البئر: فهو يدوم، ولا يمكن إزالة الحفر في الحال. فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه "تعارض التلازم مع القياس" كما سبق بيانه.

(٦٢) مسألة: إذا حفر شخص بئرًا لنفع جميع المسلمين للشرب، أو للتطهر منها، أو بنى بناءات ليستريح فيها المسافرون أو نحو ذلك: فلا يضمن ما تلف بسبب ذلك =

<<  <  ج: ص:  >  >>