السباع، أو القطط أو نحو ذلك، وتسبَّبت في إيذاء المارِّين، وتلف شيء من أبدانهم أو أموالهم: فإن زيدًا يضمن جميع الأضرار المترتبة على ذلك سواء كان الطريق ضيقًا أو واسعًا، وسواء كان ذلك في الليل أو النهار بشرط: أن يدخل شخص بيت من عنده كلب عقور أو أي بهيمة من بهائم السباع بإذن صاحب ذلك الكلب وذلك السبع -وهو زيد- فإن دخل بيته بدون إذن صاحبه وأذاه ذلك الكلب أو السبع: فلا ضمان على زيد، وكذا: إن بال ذلك الكلب في إناء أو ولغ فيه: فلا يضمن زيد ذلك؛ للتلازم؛ حيث إن قد تعدَّى بسبب ما فعله في الطريق فيلزم: أن يضمن ذلك لتعدِّيه، فإن قلتَ: لِمَ شُرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه دفع الضرر العام والخاص عن الآخرين، فإن قلتَ: لِمَ يضمن مع أن الطريق واسع؟ قلتُ: لعدم التفريق بين الضيق والواسع في المشي فيه وسلوكه، فإن قلتَ: لِمَ ضمن من اقتنى كلبًا عقورًا أو أيَّ سبع؟ قلتُ: لأنه متعدٍّ بمجرَّد ذلك الاقتناء له؛ لكونه غير معتاد اقتناء ذلك، فإن قلتَ: لم اشتُرط في الضمان: أن يدخل شخص بيته بإذنه؟ قلتُ: لكونه قد دخل دخولًا مشروعًا، فيكون آمنًا على نفسه، فيضمن صاحب البيت والكلب، أما إذا دخل بيته بدون إذن: فلا يضمن ما لحق الداخل من أذى الكلب؛ لكونه قد اعتدى بدخوله بلا إذن، والمعتدي لا يُضمن، فإن قلتَ: لم لا يضمن زيد -صاحب الكلب العقور- إذا أتلف شيئًا بغير العقر كبوله في الإناء؟ قلتُ: لأن أفعاله -غير العقر- عادية، وما يُفعل عادة لا يُضمن وإن تلف بسببه شيء. (فرع): إذا اقتنى زيد هرًا يأكل دجاج الآخرين، ويُخوِّف الصبيان: فإن مقتنيه يضمن ذلك كله؛ للتلازم؛ وقد بيّناه مع مقصده في مسألة (٥٩). (فرع ثان): إذا اقتنى زيد حمامًا أو دجاجًا يأكل حب الآخرين: فإنه لا يضمن صاحبها ذلك؛ للعادة والعرف؛ حيث إن العادة قد جرت على إطلاق مثل تلك الطيور، وهذا يلزم منه: عدم ضمان ما أكلته. =