للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وإن ربط دابة بطريق ضيق فعثر به إنسان) أو أتلف شيئًا: (ضمنه) لتعدِّيه بالربط، ومثله: لو ترك في الطريق طينًا، أو خشبة، أو حجرًا، أو كيس دراهم، أو أسند خشبة إلى حائط (كـ) ما يضمن مقتني (الكلب العقور لمن دخل بيته بإذنه، أو عقره خارج منزله)؛ لأنه متعدٍّ باقتنائه، فإن دخل منزله بغير إذنه: لم يضمنه؛ لأنه متعدٍّ بالدخول، وإن أتلف العقور شيئًا بغير العقر، كما: لو ولغ، أو بال في إناء إنسان: فلا ضمان؛ لأن هذا لا يختص بالعقور، وحكم أسد ونمر وذئب وهر بأكل الطيور، وتقلب القدور في العادة حكم كلب عقور (٥٩)، وله قتل هر بأكل لحم ونحوه،

فجاء عبد لإنسان فرمى نفسه فيها: لا يضمن زيد ذلك فكذلك الحال هنا: لا يضمن بدون تهييج أو تنفير بعد الفتح والحل، ولا يضمن إن وقفت تلك الأشياء بعد الفتح والحل والجامع: وجود الاختيار من تلك الأشياء، وعدم وجود السبب الملجئ، فلم يتعلَّق الضمان بالسبب قلتُ: هذا فاسد؛ لأنه قياس مع الفارق؛ لأن حفر البئر لم يتعدَّ فيه على حق غيره، بل فعل ماله فعله ورمي العبد نفسه فيها لا دخل له فيه، بخلاف ما نحن فيه فكل ما وقع من ذهاب طيور، وحيوانات وعبيد ونحو ذلك كان بسبب فعله؛ إذ لو كانت لا تذهب بفتح الباب أو أي قيد: لما قيّدها صاحبها، أو أغلق عليها الباب، وهذا معلوم من قرينة الحال، فيكون فتحه للباب، أو حل القيود اعتداء ظاهرًا على حقوق غيره: فيضمنها، فلو لم يضمن أحد مثل ذلك: لتسبَّب ذلك في أن يتسبَّب الآخرون في إضاعة أموال الناس بهذا الطريق، وادَّعى المتسبِّب بأنه لم يُهيج، ولم يُنفِّر شيئًا، فسدًا للذرائع، وحفظًا لحقوق الآخرين: شُرع هذا، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض القياسين" وهو واضح، وهو المسمَّى بـ"قياس الشبه".

(٥٩) مسألة: إذا ربط زيد دابته بطريق، أو جعل في الطريق شيئًا من الطين، أو قشور بعض الخضروات أو الفواكه، أو جعل فيه أخشابًا، أو أحجارًا، أو مواد بناء، أو نحو ذلك، أو كان عنده كلب عقور -وهو المتوحش-، أو أيَّ بهيمة من

<<  <  ج: ص:  >  >>