للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سلَّمه إلى الحاكم، فبرئ من عهدته، ويلزمه تسلُّمه، أو (تصدَّق به عنه مضمونًا) أي: بنية ضمانه إن جاء ربه فإذا تصدَّق به: كان ثوابه لربه، وسقط عنه إثم الغصب، وكذا حكم رهن، ووديعة، ونحوهما إذا جهل ربها، وليس لمن هي عنده أخذ شيء منها، ولو كان فقيرًا (٥٦) (ومن أتلف) لغيره مالًا (محترمًا) بغير إذن ربه: ضمنه؛ لأنه

صحيحًا لم يكن فيه عيب": ولا بيّنة لواحد منهما: فإنه يُقبل قول المالك مع يمينه في هاتين الصورتين؛ للاستصحاب: حيث إن الأصل بقاء المغصوب تحت يد الغاصب، وعدم العيب فيه، فنعمل على هذا، ونستصحبه حتى يرد دليل يغيِّر الحالة، ولم يرد شيء من ذلك، فبقي الأصل يعمل به، والمقصد في اليمين كما ذكر في مسألة (٥٤).

(٥٦) مسألة: إذا غصب شخص شيئًا، وجهل هذا الغاصب صاحب هذا الشيء المغصوب، وأراد ردَّه، أو قيمته: فإنه يُسلِّمه إلى الحاكم بشرط: أن يكون عدلًا عالمًا، أو يُسلِّمه لنائبه -وهو القاضي العدل-، أو يُسلِّمه لأي عالم معروف بدينه وعلمه، ويجب على هؤلاء أن يستلموا ذلك المغصوب، أو يتصدَّق به وينويه عن مالك المغصوب، ولا يحتاج ذلك إلى إذن الحاكم، والتصدُّق به يُشترط فيه أن ينوي ضمانه إن جاء وعرف مالك المغصوب، والأجر يكون لمالك المغصوب، وتبرأ ذمة الغاصب ويسقط عنه إثمه، ولا يسقط عنه إثم الغصب؛ للقياس؛ بيانه: كما أن اللقطة التي لا يعرف صاحبها تسلم للحاكم، أو نائبه، أو العالم، أو يتصدق به فكذلك يفعل في العين المغصوبة التي لا يُعرف مالكها، والجامع: أن كلًّا من لاقط اللقطة، والغاصب للعين عاجز عن ردَّها إلى أصحابها، فلم يكن له طريق إلّا هذه الطرق فوجب سلوكها، فإن قلتَ: لِمَ شُرع تسليمها للحاكم، أو نائبه أو العالم؟ قلتُ: لأن قبض هؤلاء لها قائم مقام قبض أصحابها لها؛ لقيامهم مقامهم، فإن قلتَ: لِمَ شرع التصدّق بها؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن التصدق بها فيه جمع بين مصلحة المالك بتحصيل الثواب له، وفيه تبرئة ذمة الغاصب، فإن قلتَ: لِمَ =

<<  <  ج: ص:  >  >>