وإن اتَّجر في المغصوب: فالربح لمالكه (٥٣)، (والقول في قيمة التالف): قول الغاصب؛ لأنه غارم (أو قدره) أي: قدر المغصوب (أو صفته): بأن قال: "غصبتني عبدًا كاتبًا" وقال الغاصب: "لم يكن كاتبًا" فـ (ـقوله) أي: قول الغاصب كما تقدَّم (و) القول (في
يزوجها غيره طمعاً بالمهر: فيُرجع في ذلك إلى المالك: فإن اختار المالك: إبطاله: فهو باطل، وإن اختار: عدم إبطاله: فهو صحيح، وما لم يدركه المالك ولم يعلم به: فهو صحيح أيضًا، وهو اختيار كثير من العلماء منهم أبو الخطاب الحنبلي؛ للمصلحة: حيث إن مدَّة الغصب قد تطول، وفي هذه المدة الطويلة تربح تلك العقارات ونحوها وتنمو، ويكثر الربح والزيادة وعند ردِّ الغاصب للمغصوب تكون كل هذه الفوائد للمالك، فلو قلنا ببطلان التصرفات للحق الضرر للمالك، فدفعًا لذلك: شرع صحتها.
(٥٣) مسألة: إذا غصب شخص أثمانًا فاتَّجر بها، أو عروض تجارة واتَّجر بأثمانها أو نحو ذلك: فالعين المغصوبة، وما ربحته لمالكها، ولا يستحق الغاصب شيئًا منها؛ للتلازم؛ حيث يلزم من كون تلك الأرباح هي أرباح عين ماله: أن تكون حقًا له، دون الغاصب، فإن قلتَ: إن الغاصب يكون بمنزلة الشريك المضارب، يكون له قدر من الربح كما سبق ذكره في "شركة المضاربة" وهو رأي ابن تيمية وبعض العلماء؛ للتلازم؛ حيث يلزم من تجارة الغاصب بمال المالك: أن يكون له نصيب من الربح؛ لأنه قد اشترك في العمل. قلتُ: هذا بعيد، إذ الواقع في شركة المضاربة: الاتفاق بين صاحب المال وبين شريكه، والربح الذي تحصَّل عليه الغاصب من خلال متجارته بمال المالك وقع بدون اتفاق بينهما، ولا رضى، وهذا يُفسد ذلك؛ للتلازم؛ حيث يلزم من عدم الرضى: فساد العقد، والشركة؛ لأن من شروط صحة العقد: رضى المتعاقدين. فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه "تعارض التلازمين" وهو واضح.