فصل:(وتصرُّفات الغاصب الحكمية) أي: التي لها حكم من صحَّة، وفساد: كالحج، والطهارة ونحوهما، والبيع، والإجارة، والنكاح ونحوها (باطلة)؛ لعدم إذن المالك (٥٢)، ...............................................
الزنا: لوجب عليه مهرها، وأيضًا كلامهم ليس في محل النزاع، لأن المسألة مفروضة في غصب أشياء لها منافع تُستباح بالإجارة كالعقارات، والدواب ونحوها، والأبضاع لا تُستباح بالإجارة، وقد سبق بيان ذلك، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض القياسين" فألحقنا غاصب المنفعة بغاصب العين، ومتلفها لأنه أكثر شبهًا به، وهم ألحقوه بمن زنا بامرأة مطاوعة، لأنه أكثر شبهًا به عندهم، وهذا هو قياس الشبه.
(٥٢) مسألة: تصرُّفات الغاصب في العين المغصوبة الحكمية: أي: من حيث الصحة وعدمها فيه التفصيل الآتي: أولًا: إن كانت تلك التصرفات لا تقع فيها مباشرة كأن يغصب دارًا ويصوم فيها، أو يذكر الله، أو يُوحِّد الله تعالى فيها، فهذه تصح؛ للتلازم؛ حيث يلزم من عدم مدخل ذلك في العين المغصوبة: صحته، ثانيًا: إن كانت تلك التصرفات واقعة في العين المغصوبة مباشرة كأن يغصب دارًا ويصلي فيها، أو يغصب ثوبًا ويصلي فيه، أو يغصب ماء، أو ترابًا ويتطهَّر فيه، أو يغصب جملًا ويحجّ أو يعتمر عليه: فإن تلك التصرفات لا تصح إذا كان واجدًا غيرها؛ لقاعدتين الأولى: التلازم؛ حيث يلزم من عدم إذن المالك: عدم صحتها، الثانية: المصلحة: حيث إنه لو كانت تلك التصرفات صحيحة لأدَّى ذلك إلى تعدِّي بعض الناس إلى اغتصاب أملاك الآخرين؛ لأن الغاصب سيقول ما دام أنه يصح فيها كل عبادة: فهذا أهون مما لو لم يصح شيء، فيكثر الاعتداء، فسدًا لذلك ومنعًا للضَّرر في المجتمع شرع عدم صحة ما يقع فيها من عبادات وقد سبق بيان ذلك في كتاب الطهارة والصلاة. ثالثًا: إن كانت هذه التصرفات في العقود: كأن يغصب دارًا ثم يبيعها، أو يؤجرها أو يغصب امرأة ويتزوجها، أو