للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مثله مدَّة بقائه بيده: استوفى المنافع أو تركها تذهب (٥١).

ذلك البدل من مالك المغصوب؛ للقياس؛ بيانه: كما أنه لو غصب عبدًا، ثم هرب العبد من الغاصب، فدفع قيمته إلى مالكه، ثم وجده وردَّه إلى مالكه: فإن يأخذ القيمة التي دفعها إليه، فكذلك الحال هنا، والجامع: أنه في كل منهما قد وصل إلى المالك حقُّه، فلا يجوز أخذ ما زاد عليه، فإن قلتَ: لِمَ شُرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه رفع الضرر عن الغاصب، وهذا من باب: إرجاع الحقوق إلى أهلها.

(٥١) مسألة: إذا غصب شخص شيئًا جرت العادة بتأجيره كالرقيق، والدار، والبهائم، ونحو ذلك: فإنه يجب على الغاصب أن يردُّ هذا الشيء المغصوب لمالكه، وأن يدفع أجرة مثل هذا المغصوب من ساعة غصبه إلى أن ردَّه -أي: يدفع أجرة مثله مدَّة بقائه بيده- وهذا مطلق، أي: سواء استوفى الغاصب منافع الشيء المغصوب أو لا، فمثلًا: لو غصب داراً من عمرو سنة، وسكنها، أو لا: فإنه يجب على هذا الغاصب أن يرد هذه الدار، وأُجرة سنة أيضًا، ويُسلِّمهما لمالك الدار؛ للقياس؛ بيانه: كما أنه لو غصب عينًا وأتلفها أو بعضها أو فوتها على مالكها: فإنه يغرم ويضمن ما أتلفه، فكذلك منفعة تلك العين إذا فوَّتها على مالكها: فإنه يضمنها ويغرمها، والجامع: أن كلًّا من العين والمنفعة مال متقوَّم فوجب ضمانه، فإن قلتَ: لِمَ شُرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه ردُّ حق للمالك قد تسبَّب الغاصب في تفويتها، فإن قلتَ: إن المنافع لا تُضمن، وهو قول أبي حنيفة، وكثير من المالكية؛ للقياس؛ بيانه: كما أن الشخص لو زنا بامرأة مطاوعة لا ضمان ولا غرم عليه، فكذلك لو غصب عينًا: فإنه يردُّها، ولا يضمن ما فوّته من منافعها، والجامع: أنه في كل منهما قد استوفى المنفعة من غير عقد، ولا شبهة ملك قلتُ: هذا فاسد؛ لأنه قياس مع الفارق؛ حيث إن المرأة قد رضيت بإتلاف منافعها بغير عوض، ولا عقد يقتضي العوض، ولو أكرهها على =

<<  <  ج: ص:  >  >>