للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أو كثيرًا؛ لأنه يستحقه بالعمل، وهو يقل ويكثر، وإنما تقدر حصته بالشرط، بخلاف رب المال: فإنه يستحقه بماله، ويحلف مدَّعيه (٤٢)، وإن اختلفا في قدر الجزء بعد

= نصيبًا للشريك الآخر، فلو قال صاحب المال - وهو زيد - للعامل - وهو عمرو: "خذ هذا المال واتّجر به ولي ثلاثة أرباع الربح، أو ثلثه": فيصح ذلك، ويكون للعامل - وهو عمرو - الربع، وإن قال: "ولي ثلث الربح": فيصح ويكون للعامل - الثلثان، وإن قال: "ولك ثلاثة أرباع الربح": فيصح ويكون لصاحب المال الربع، وهكذا؛ للتلازم؛ حيث يلزم من ذكره مقدار نصيب أحدهما: معرفة مقدار نصيب الآخر من باب "مفهوم العدد".

(٤٢) مسألة: إذا أعطى زيد عمرًا مالًا وقال زيد له: "اتَّجر به بثلثي الربح"، فلما اتَّجر عمرو به - وهو العامل - وربح: اختلفا لمن هذا الجزء المشروط - وهو ثلثا الربح -، فقال صاحب المال - وهو زيد - "إن هذا الجزء المشروط لي"، وقال العامل - وهو عمرو -: "إن هذا الجزء المشروط لي" ولا بيّنة عند كل واحد منهما: فإنه في هذه الحالة يقبل قول العامل - وهو عمرو - مع يمينه، ويكون له ثلثا الربح، ويكون لصاحب المال - وهو زيد - ثلثه، وهذا مطلق، أي: سواء كان الربح قليلًا أو كثيرًا؛ للتلازم؛ حيث إن العامل يستحق هذا الجزء بسبب العمل بالمضاربة ولا يتبين حقه وحصّته على عمله إلّا بالشرط المذكور أثناء العقد فيلزم من ذلك صرف الجزء المشروط لهذا العامل، بخلاف صاحب المال - وهو زيد -: فإنه يستحق نصيبه من الربح بسبب كونه صاحب المال فيلزم من ذلك: عدم حاجته إلى شرط، وهذه قاعدة في العقود التي تشبه تلك المسألة، فإن قلتَ: لِمَ طلب من العامل اليمين هنا؟ قلتُ: للمصلحة: حيث إن ذلك فيه احتياط للدين، وفيه دفع احتمال أن يكون الجزء المشروط لصاحب المال، فإن قلتَ: لِمَ شُرّع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه حماية لحق العامل؛ لأن العادة قد جرت على أن أصحاب الأموال يظلمون العمال لديهم؛ نظرًا لقوتهم، وضعف العمال.

<<  <  ج: ص:  >  >>