فالربح كله لرب المال، والوضيعة عليه، وللعامل أجرة مثله (٣٧)، وإن شرط جزءًا
(٣٧) مسألة: يُشترط لصحة شركة المضاربة: أن يُقدَّر نصيب العامل من الربح كنصفه أو ربعه وهكذا، فلو لم يُقدَّر ذلك عند عقد الشركة بأن قال صاحب المال - وهو هنا زيد - "خذ هذا المال مضاربة، ولم يذكر سهم ونصيب العامل - وهو هنا عمرو -، أو قال: "لك جزء من الربح" ولكنه لم يُبيِّن مقدار هذا الجزء: فإن الشركة تفسد، والربح كله يكون لصاحب المال - وهو هنا زيد - ولا يأخذ العامل منه شيئًا، وكذا: الخسارة يتحمَّلها بكاملها صاحب المال - وهو هنا زيد - ويُعطى العامل أجرة عمله، فيُعطى مثل ما يُعطى أيُّ عامل في هذا الشأن وإن لم يحصل ربح؛ للمصلحة: حيث إن عدم معرفة نصيب العامل وقدره حين عقد هذه الشركة، يؤدِّي إلى التنازع والاختلاف بين صاحب المال - وهو زيد - والعامل - وهو عمرو - على حسب العادة والعرف؛ إذ كل واحد سيدَّعي أنه صاحب النصيب الأكثر من الربح؛ لأن أكثر النفوس قد جبلت على حب المال، مما يؤدي إلى أن أحدهما سيأكل قدرًا من مال الآخر وحقه بالباطل، فدفعًا لذلك: اشترط هذا الشرط؛ لكون دفع المفاسد مقدم على جلب المصالح، فإن قلتَ: لِمَ يُعطى العامل أجرة المثل؟ قلتُ: يُعطى ذلك نظير عمله، وعوض عنه كأي عامل في أي صنعة، فإن قلتَ: إن العامل يُعطى من ربح التجارة ما جرت العادة في مثله وهو لكثير من العلماء ومنهم بعض الحنابلة؛ للمصلحة: حيث إن ربح التجارة يكون أكثر بكثير من أجرة المثل، والعامل لا يترك تأجير نفسه في الأمور العادية ويشتغل بالمضاربة إلّا لكونه يرغب في كثرة الربح، قلتُ: إن هذا غير منضبط، فلا يسلم عادة من التنازع، وما قلناه منضبط فيقدم، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض المصلحتين" فقدمنا المصلحة الأولى؛ لكونها تدفع مفسدة عن الشريكين، ولانضباطها، ولعمومها في دفع التنازع عن المجتمع وما يدفع المفاسد مقدم على ما يجلب المصالح، وعندهم تقدم المصلحة الثانية؛ لكونها =