= يدفع زيد مالًا معلوم القدر كعشرة آلاف ريال لعمرو لأجل أن يشتغل به بالتجارة بجزء معلوم من الربح يكون مشاعًا" كأن يقول زيد لعمرو: "خذ هذه العشرة واشتغل بها ولك نصف الربح، أو ثلثه ونحو ذلك"، وتسمَّى بالمضاربة، وبالقراض، وبالمعاملة، فإن قلتَ: لم سُمِّيت بالمضاربة؟ قلتُ: لأن العامل - وهو الذي دُفع له المال، وهو هنا عمرو - يضرب في الأرض ويسافر إلى نواحي البلدان ليتِّجر بمال زيد؛ للكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ﴾ والمراد: السفر للتجارة بقرينة "يبتغون من فضل الله" وهو: رزقه وكسبه كما فسَّره بعض الصحابة بذلك - كما في تفسير القرطبي (١٩/ ٥٥) وهذه تسمية أهل العراق، فإن قلتَ: لِمَ سميت بالقراض؟ قلتُ: لأن صاحب المال - وهو هنا زيد - قد اقتطع من ماله شيئًا وأعطاه لهذا العامل - وهو هنا: عمرو - ليعمل له فيه، فلما ربحا: اقتطع زيد من الربح شيئًا وأعطاه لهذا العامل - وهو عمرو - نظير عمله؛ لكون القرض في اللغة: القطع، وهو متصل بالضرب؛ للاستعمال اللغوي - كما ورد ذلك في المصباح (٤٩٧)، وهذه تسمية أهل الحجاز، فإن قلتَ: لِمَ سُمِّيت بالمعاملة؟ قلتُ: لأن الآخذ للمال - وهو عمرو - ليتجر به يُسمَّى عاملًا لزيد، فتكون معاملة بينهما؛ لأجل مصلحتهما وهي: الحصول على الربح. (فرع): هذه الشركة جائزة شرعًا لِقواعد: الأولى: الكتاب، وقد سبق بيانه، الثانية: السنة التقريرية؛ حيث أقرَّ النبي ﷺ كثيرًا من الصحابة الذين كانوا يتعاملون بها، الثالثة: قول وفعل الصحابي؛ حيث إن بعض الصحابة كانوا يتعاملون بها؛ الرابعة: المصلحة: حيث إن الناس بحاجة إليها؛ لكون بعض الناس قد يملك المال ولكنه لا يستطيع الاشتغال به، والبعض الآخر لا يملك مالًا، ولكنه عنده من المعرفة والقوة لأن يشتغل بمال غيره، فكل واحد منهما يُكمِّل الآخر، وبذلك يتحصَّلان على الخير معًا.