للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يسيرًا) كحبة فضة في دينار، ذكره في "المغني" و "الشرح"؛ لأنه لا يمكن التحرُّز منه، فإن كان الغش كثيرًا: لم يصح؛ لعدم انضباطه (١٨) (و) يشترط أيضًا (أن يشترطا لكل

= بينهما، وتحقق مقصود الشركة، فإن قلت: لا تصح الشركة بالفلوس، وهو ما ذكره المصنف هنا؛ للمصلحة؛ حيث إن هذا يؤدي إلى التنازع حيث إن تلك الفلوس تنفق مرة ويكون لها رواج، وتكسد أحيانًا، فلا يؤمن الضرر والجهالة فيقع التنازع في نصيب كل واحد من الشريكين من الربح، فدفعًا لذلك حكم بعدم الصحة قلتُ: إذا عرف كل واحد من الشريكين مثل ما دفعه، أو قيمة ما دفعه عند عقد الشركة فلا يحصل تنازع، وسبب الخلاف هو نفسه سبب الخلاف الذي ذكر في مسألة (١٦).

(١٨) مسألة: تصح شركة العنان إذا دفع الشريكان، أو أحدهما نقودًا مغشوشة غشًا يسيرًا: كأن يكون في الدينار حبة صغيرة من الفضة، أما إن كان الغش كثيرًا - كأكثر من الحبة -: فلا تصح الشركة، للمصلحة: حيث إن الاحتراز من الغش اليسير شاق، ولا يمكن التحرز منه غالبًا، ولا تزيد قيمة الدينار ولا تنقص به عادة، فصحَّت الشركة به، بخلاف الغش الكثير فيمكن الاحتراز منه، ويسهل اكتشافه وتزيد القيمة أو تنقص به ولا ينضبط، فدفعًا لذلك لم تصح الشركة به، فإن قلتَ: تصح الشركة بالنقود المغشوشة مطلقًا، أي: سواء كان الغش يسيرًا أو كثيرًا؛ للقياس؛ بيانه: كما تصح الشركة بالعروض، فكذلك تصح بالنقود المغشوشة والجامع: نقصان القيمة أو زيادتها في كل، قلتُ: هذا فاسد؛ لأنه قياس مع الفارق؛ حيث إن العروض كلها لها قيمة؛ بخلاف النقود المغشوشة، فالمغشوش منها لا قيمة له، فينقص النقد بسبب ما فيه من الغش، ويُعفى شرعًا عن اليسير من الغش؛ لعدم تأثيره عادة، ولصعوبة التحرز منه ولكون الشارع يعفي عن اليسير؛ بخلاف الغش الكثير فلا يُعفى عنه، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض المصلحة مع القياس" وهو واضح.

<<  <  ج: ص:  >  >>