واستيفاء دينه منه، ويرجع المعير بقيمته أو مثله، وإن تلف ضمنه الراهن وهو المستعير ولو لم يُفرِّط المرتهن (٣٠)(ولا ينفذ تصرُّف واحد منهما) أي من الراهن، والمرتهن (فيه) أي: في الرهن المقبوض (بغير إذن الآخر)، لأنه يُفوِّت على الآخر حقِّه (٣١)، فإن لم يتفقا على المنافع: لم يجز الانتفاع، وكانت معطَّلة، وإن اتفقا على الإجارة أو
أو لا، وسواء كان الدَّين حالًا على زيد، أو لا، للتلازم؛ حيث يلزم من كون العارية غير لازمة: جواز المطالبة بها.
(٣٠) مسألة: إذا لم يفِ زيد بدينه الذي عليه: فإن للمرتهن - وهو محمد في مسألة (٢٧) - أن يبيع ذلك الإناء المستعار - وهو المرهون - وأخذ دينه - وهو المائة درهم - منه، والباقي - إن بقي شيء - يُسلِّمه للراهن - وهو زيد -، والمعير - وهو بكر - يرجع إلى المستعير منه الإناء - وهو زيد - ويُطالبه بمثل الإناء الذي أعاره إياه، أو بقيمته، وإن تلف ذلك الإناء: فإن الراهن - وهو المستعير وهو زيد - يضمنه: سواء فرَّط المرتهن - وهو محمد - أو لم يُفرِّط - للتلازم؛ حيث إن مقتضى الرَّهن يلزم منه: بيع المرهون إن لم يف الراهن بدينه، فإن قلتَ: لِمَ يضمن المستعير العارية مطلقًا؟ قلتُ: لأن العارية مضمونة مطلقًا: أي: سواء أتلفها بنفسه، أو تلفت بآفة سماوية.
(٣١) مسألة: لا يجوز أن يتصرَّف المرتهن والراهن في العين المرهونة والتي قبضها المرتهن إلّا بإذن أحدهما للآخر، فلو تصرَّف أحدهما بها ببيع أو هبة أو وقف، أو رهن مرة ثانية بدون إذن الآخر: فإن هذا التصرُّف باطل؛ للتلازم؛ حيث إن تلك العين المرهونة لا زالت داخلة في ملك الراهن، فلو تصرَّف فيها المرتهن: للزم أن يكون قد تصرَّف في ملك غيره، وهي أيضًا وثيقة في يد المرتهن؛ ليستوفي منها دينه إن لم يُعطه الراهن حقَّه في الوقت المحدَّد، فلو تصرَّف فيها الراهن: للزم إبطال حق المرتهن من تلك الوثيقة ولأزال المقصود من مشروعية الرَّهن، فإن قلتَ: لِمَ شُرّع هذا؟ قلتُ: للمصلحة: حيث إن تصرُّف أحدهما بدون إذن الآخر يُفوِّت حقَّ الآخر فيها.