للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإعارة: جاز (٣٢)، ولا يمنع الراهن من سقي شجر وتلقيح، ومداواة، وفصد،

(٣٢) مسألة: يجوز للراهن: أن ينتفع من العين المرهونة بإجارتها، أو إعارتها مدة لا يتأخر انقضاؤها عن حلول الدَّين، وهو مذهب مالك والشافعي؛ لقاعدتين: الأولى: السنة القولية؛ "حيث "نهى عن إضاعة المال" وهذا عام؛ لأن "إضاعة المال" منكَّر مضاف إلى معرفة، وهو من صيغ العموم، فيشمل ما نحن فيه لأن تعطيل منفعة العين المرهونة يُعتبر من إضاعة المال، فيكون داخلًا في المنهي عنه، بل يكون تعطيله محرمًا؛ لأن النهي هنا مطلق، فيقتضي التحريم، الثانية: التلازم؛ حيث إن العين المرهونة لا زالت داخلة في ملك الراهن في مُدَّة الدَّين، والمقصود من الرهن هو: الاستيثاق، واستيفاء الدين من ثمن العين المرهونة عند تعذُّر استيفاء ذلك من ذمة الراهن، وهذا يلزم منه: أن الراهن ينتفع منه بما لا يُزيل ملكه عنه، فإن قلتُ: إن اتفق الراهن والمرتهن على إجارة العين المرهونة أو إعارتها والانتفاع بذلك: جاز، وإن لم يتفقا: لم يجز، وتبقى العين المرهونة معطَّلة عن الانتفاع بها حتى يُفكُّ الرهن - وهو ما ما ذكره المصنف هنا -؛ للقياس؛ بيانه: كما أن المبيع الذي لم يُدفع ثمنه لا يتصرَّف فيه البائع والمشتري فكذلك العين المرهونة مثله والجامع: أن كلًّا منهما عين محبوسة ليست حقًا للطَّرفين قلتُ: هذا فاسد؛ لأنه قياس مع الفارق؛ حيث إن العين المرهونة قد ثبتت ملكيتها للراهن، وإنما جعلها عند المرتهن وثيقة ليؤكِّد له أنه سيفي بدينه، فله الانتفاع بها بخلاف العين المباعة التي لم يُدفع ثمنها فهي في وقت الخيار أو في وقت مهلة النظر وهو عادة يكون وقتًا قصيرًا جدًا لا يحتمل الانتفاع أو عدمه، أما العين المرهونة فوقتها عادة طويل جدًا يحتمل الانتفاع، ومع الفرق: لا قياس، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "معارضة القياس الخاص للنص العام"، فعندنا: يعمل بالنص العام، وعندهم يُعمل بالقياس الخاص.

<<  <  ج: ص:  >  >>