للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

لاتفاقهما في الوزن، وهو علَّة رب الفضل، فلا بدَّ في ذلك من التقابض والحلول قبل التفرق، فإن تفرقا قبل القبض: بطل البيع، أما لو باع حديداً بدنانير أو باع صاعًا من بر بريالات: فيصح النسأ والتأخير للمبيع، أو الثمن؛ لكون أحدهما ليس نقدًا، فلم تُوجد علَّة الرِّبا فيهما؛ لقاعدتين: الأولى: السنة القولية وهي من وجوه: أولها: قوله : "إنما الربا في النسيئة" فبيَّن: أن الربا في مثل ما قلناه، ثانيهما: قوله: "فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم يدًا بيد" فاشترط لصحة بيع أحد الجنسين بمثله: التقابض في المجلس، فلا يجوز مؤخَّراً ومؤجَّلاً، ثالثها: قوله : "من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم أو وزن معلوم إلى أجل معلوم" حيث دلَّ هذا على صحة النسأ والتأخير إذا كان أحد العوضين نقدًا؛ لكونه لو لم يصح النسأ والتأخير في ذلك لسدّ باب السَّلَم في الموزونات والمكيلات، الثانية: القياس؛ بيانه: كما أن بيع الذهب بالفضة يحرم التفرّق قبل القبض فيه، وإن تفرّقا: بطل البيع، فكذلك هنا، والجامع: أنهما مالان من الأموال التي يجري فيهما الربا وعلّتهما واحدة، وهي الوزن، والكيل، فإن قلتَ: ما سبب حصر النبي الربا في النسيئة مع تقسيمه إلى ربا الفضل، والنسيئة؟ قلتُ: خُصَّ ربا النسيئة بهذا الذكر؛ لكونه أعظم وأخطر من ربا الفضل، وأقربهما إلى أكل أموال الناس بالباطل، وهذا مثل قوله : "الحج عرفة": أي: أن أعظم ركن من أركان الحج هو: عرفة، وهذا واقع في ربا النسيئة، فلو باع زيد على بكر ثوباً بمائة ريال يدفعها بكر بعد سنة، ثم مضت السنة ولم يدفعها بكر، فقال له زيد: نؤخر عليك ونزيدها إلى مائتين إلى العام الذي بعده وهكذا: لكان ذلك أعظم الخطر على المجتمع (فرع) إذا صرف فلوسًا نافقة بنقد: فلا يجوز فيه نسأ وتأخير أحد العِوضين، أي: يُشترط الحلول والتقابض في ذلك، وهو قول أكثر العلماء؛ =

<<  <  ج: ص:  >  >>