فصل (ويحرم ربا النسيئة) من النسأ بالمدِّ، وهو: التأخير (في بيع كل جنسين اتفقا في علة ربا الفضل) وهي: الكيل والوزن (ليس أحدهما) أي: أحد الجنسين (نقدًا)، فإن كان أحدهما نقدًا كحديد بذهب أو فضة: جاز النسأ، وإلا لانسدَّ باب "السَّلَم" في الموزونات غالبًا إلّا صرف فلوس نافقة بنقد، فيشترط فيه الحلول والقبض، واختار ابن عقيل وغيره: لا، وتبعه في "الإقناع"(كالمكيلين والموزونين) ولو من جنسين، فإذا بيع برٌّ بشعير، أو حديد بنحاس: اعتبر الحلول والتقابض قبل التفرّق (وإن تفرّقا قبل القبض: بطل) العقد؛ لقوله ﵇:"إذا اختلفت هذه الأصناف: فبيعوا كيف شئتم يدًا بيد" والمراد به: القبض (٣٠)(وإن باع مكيلاً
والفضة، والحديد، والحرير، واللحوم، والصوف ونحو ذلك، وما لا يختلف فيه الكيل والوزن كالأدهان يُباع بعضه كيلاً، ويُباع بعضه الآخر وزنًا، فيجوز هذا وهذا؛ لقاعدتين: الأولى: السنة الفعلية؛ حيث إن ﵇ قد توضأ بالمد، وهذا يلزم منه أن السوائل جميعًا تُكال، الثانية: المصلحة؛ حيث إن المناسب للسوائل الكيل، والمناسب لغيرها الوزن؛ لحفظ أموال الناس.
(٢٩) مسألة: إذا تعارف أهل بلد على كيل يتبايعون به، أو وزن: فإنه يجوز أن يُتعامل بذلك عند البيع والشراء وإن لم يكن ذلك معهوداً فيما سبق من الأزمنة؛ للمصلحة: حيث إن ذلك فيه تيسير على المسلمين، لا سيما عند عدم وجود ما يمنع ذلك.
(٣٠) مسألة: يحرم ربا النسيئة، وهو:"تأخير القبض في بيع كل جنسين اتّفقا في علَّة ربا الفضل، وهي: الكيل والوزن، ليس أحدهما نقدًا"، فإذا بيع مكيل بمكيل، أو موزون بموزون، وافترق البائع والمشتري قبل القبض: بطل العقد فمثلاً: لو باع صاعًا من بر بصاع من شعير: فلا يجوز النسأ في ذلك؛ لاتفاقهما في الكيل الذي هو علة ربا الفضل، أو باع رصاصاً بحديد: فلا يجوز النسأ في ذلك؛ =