للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(بل) يصحّ أن (تؤجّر) أرض العنوة ونحوها؛ لأنها مؤجَّرة في أيدي أربابها بالخراج المضروب عليها في كل عام، وإجارة المؤجر جائزة (٣٢)، ولا يجوز بيع رباع مكة، ولا إجارتها؛ لما روي سعيد بن منصور عن مجاهد مرفوعًا: "رباع مكة حرام بيعها، وحرام إجارتها" وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعًا: "مكة لا تُباع رباعها، ولا تكرى بيوتها" رواه الأثرم، فإن سكن بأجرة: لم يأثم بدفعها، جزم به في

(٣٢) مسألة: يجوز بيع وشراء وإجارة الأراضي في ديار المسلمين: سواء كانت مفتوحة صُلحًا، أو عُنوة، أو سواء كان عليها مساكن أو لا؛ للمصلحة: حيث إنه لو مُنع الناس من ذلك بسبب أن بعضها فُتح عُنوة، وبعضها جلوا عنها، وبعضها دفعوا الخراج من أجل إبقائهم عليها: للحق بالناس الحرج والمشقة وصعوبة الحياة؛ لاختفاء تلك المعلومات في الأزمنة المتأخرة، وصعوبة تنظيمها؛ فدفعًا لذلك جاز كل ما قلناه، وأصله: قاعدة: "الضرر يُزال" و "المشقة تجلب التيسير" و "إذا ضاق الأمر اتّسع" و "لا ضرر ولا ضرار"، فإن قلت: إذا فتحت الأرض عُنوة وقهرًا كأرض الشام ومصر، والعراق: فإن أرضها تؤجر، وإن بُني عليها مساكنُ دور: فإن تلك الدور تباع فقط، دون الأرض، والأرض التي جلوا عنها وهربوا منها خوفًا منَّا مثلها، وكذلك ما صالحناهم عليها وكانت بأيديهم بشرط دفع الخراج، أما ما صالحناهم على أنها لهم فقط، أو ما فتحت صلحًا: فيجوز بيع أراضيها وإجارتها ونحو ذلك؛ لإجماع الصحابة السكوتي؛ حيث إن عمر قد فعل ذلك، وتصرَّف الصحابة في عهد عمر على هذا الأساس ولم يُنكر الباقون عليهم فكان إجماعًا سكوتيًا. قلتُ: إن هذا ممكن لما كان المسلمون حديثي عهد بالفتوحات، تُعرف كل أرض ومَنْ فتحها، وبيت مال المسلمين واحد، أما الآن فيشقُ معرفة ذلك، وتصعب الحياة بذلك؛ لكثرة الأراضي، وكثرة الناس، وتعدد الدول الإسلامية، فإن قلت: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض المصلحة العامة مع الإجماع السكوتي".

<<  <  ج: ص:  >  >>