للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعده (٤٥) فصل: (تُسنُّ العقيقة) أي: الذبيحة عن المولود في حقِّ أب، ولو مُعسرًا،

وهو ما ذكره المصنف هنا؛ لقاعدتين: الأولى: السنة القولية؛ حيث قال "إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يُضحِّي: فلا يأخذ من شعره، ولا من أظفاره شيئًا حتى يُضحِّي" فحرَّم الأخذ من ذلك؛ لأن النهي هنا مطلق، فيقتضي التحريم، الثانية: القياس، بيانه: كما أن المحرم في الحج لا يأخذ من شعره وظفره شيئًا فكذلك من أراد أن يُضحِّي مثله، والجامع: أن كلًا منهما أراد نسكًا في أيام معلومة، فأراد إكثار أجره قلتُ: أما الحديث: فالنهي الوارد فيه للكراهة، والذي صرفه من التحريم إلى الكراهة أمران أولهما: السنة الفعلية؛ حيث قالت عائشة : "كنت أفتل قلائد هدي رسول الله ثم يُقلّدها بيده، ثم يبعث بها، ولا يحرم عليه شيء أحله الله حتى ينحر هديه" ثانيهما: المصلحة؛ حيث إن منع الأخذ من ذلك طوال العشرة الأيام فيه مشقَّة وحرج على من أراد أن يتقرَّب إلى الله بالتضحية، وقد يؤدي ذلك إلى ترك ذلك، أما القياس: فهو فاسد، لأنه قياس مع الفارق؛ لأن من أراد أن يُضحِّي فإنه يحرم عليه الأخذ من شعره وأظفاره عشرة أيام غالبًا، أما المحرم فإنه يحرم عليه الأخذ منهما يومين أو أقل على حسب وقت إحرامه، وهذا يلزم منه المشقة على المضحي قد لا يتحملها، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "الخلاف في النهي الوارد في الحديث هل هو للتحريم أو للكراهة؟ " فعندنا: للكراهة؛ لوجود الصارف، وعندهم: للتحريم، وكذلك: "الخلاف في المضحي هل هو مثل الحاج في ذلك أو لا؟ " فعندنا: ليس مثله ولا يُقاربه، وعندهم: إنه مثله.

(٤٥) مسألة: يُستحب لمن فرغ من أضحيته: أن يحلق شعر رأسه، وأن يقص شاربه، وأن يُقلّم أظفاره؛ للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه إزالة للقاذورات المتعلِّقة بشعر رأسه أو شاربه، أو أظفاره خلال الأيام السابقة التي كُرِه له الأخذ منها.

<<  <  ج: ص:  >  >>