الأمر بالأكل والإطعام مُطلق (وإلا) يتصدَّق منها بأوقية بأن أكلها كُلَّها: (ضمنها) أي: الأوقية بمثلها لحمًا؛ لأنه حق يجب عليه أداؤه مع بقائه فلزمته غرامته إذا أتلفه كالوديعة (٤٣)(ويحرم على من يُضحِّي) أو يُضحَّى عنه: (أن يأخذ في العشر) الأول من ذي الحجة (من شعره) أو ظفره (أو بشرته شيئًا) إلى الذَّبح؛ لحديث مسلم عن أُمِّ سلمة ﵂ مرفوعًا:"إذا دخل العشر، وأراد أحدكم أن يُضحِّي: فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره شيئًا حتى يُضحِّي"، (٤٤) وسُنَّ حلق
ينتفع فلا يرتدع، بخلاف ما ذبحه لشكر الله كهدي التمتع، أو القِرآن، أو الأضحية أو العقيقة: فإنه يأكل منه، وإن كان واجبًا.
(٤٣) مسألة: يجب أن يتصدَّق بشيء من الأضحية أو الهدي أو العقيقة ولو قليلًا كأوقية -أي: أقل من كيلو جرام واحد-، فإن لم يفعل وأكلها كلها: فإنه يشتري أوقية من اللحم، فيتصدق بها؛ لقاعدتين: الأولى: الكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ﴾ الثانية: السنة القولية؛ حيث قال ﷺ:"كنت نهيتكم عن ادخار لحوم الأضاحي أما الآن فكلوا وتصدقوا، وادخروا" فالأمر في النَّصَّين بالتصدُّق مُطلق، فيقتضي الوجوب، وهو شامل للتصدق بالقليل والكثير، فلو تصدَّق بشيء قليل يُسمَّى مُتصدِّقًا، لكن لو لم يتصدَّق: فإنه يلزمه غرامته لكونه وجب في ذمته -بالأمر السابق- فلا تبرأ إلا بأدائه كالوديعة تُضمن إذا تلفت، و"العقيقة" كالهدي والأضحية في ذلك؛ لعدم الفارق من باب "مفهوم الموافقة".
(٤٤) مسألة: يُكره أن يأخذ مَنْ أراد أن يُضحِّي من شعره أو أظفاره شيئًا ذلك من أول يوم من شهر ذي الحجة إلى بعد ذبح أضحيته في اليوم العاشر، أو ما بعده، وهو قول الجمهور؛ للمصلحة؛ حيث إن ترك الأخذ من الشعر والظفر يتسبَّب في تكثير الأجر في الأضحية؛ ليكون ذلك سببًا في إعتاقه من النار فكُرِه؛ حرصًا على منفعة المسلم، فإن قلتَ: إن الأخذ من الشعر والظفر يحرم، =