للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

لقاعدتين: الأولى: الكتاب وهو من وجهين: أولهما: قوله تعالى: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ﴾ حيث نهى عن الأكل مما لم يُذكر اسم الله، وهذا النهي مُطلق، فيقتضي التحريم والفساد، وهذا عام لمتروك التسمية عمدًا وغيره؛ لأن "ما" الموصولة من صيغ العموم، ومفهوم الصفة قد دلَّ على جواز الأكل مما ذكر عليه اسم الله، ثانيهما: قوله تعالى: ﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ حيث إن هذه الآية قد خصَّصت الآية السابقة فيكون المراد: لا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه عمدًا، أما المتروك التسمية عليه خطأ، أو سهوًا أو جهلًا: فكلوا منه؛ حيث إن المراد: عدم المؤاخذة، وجواز الأكل؛ لأنه لا يتعلَّق بحق آدمي، الثانية: السنة القولية وهي من وجهين: أولهما: قوله : "ما أنهر الدم وذُكر اسم الله عليه فكل" حيث دلَّ مفهوم الصفة على عدم جواز الأكل مما لم يُذكر اسم الله عليه: وهذا المفهوم عام فيشمل متروك التسمية عمدًا أو خطأ أو جهلًا، ثانيهما: قوله : "عُفي لأمتي عن الخطأ والنسيان … " حيث إن هذا قد خصَّص عموم مفهوم الصفة من الحديث السابق، وخصَّص أيضًا عموم الآية، فيكون المراد: يحرم الأكل من متروك التسمية عمدًا، أما متروك التسمية خطأً، أو جهلًا أو نسيًا: فلا يحرم أكله، فإن قلتَ: لمَ شُرع هذا؟ قلتُ: لأن تارك التسمية عمدًا أراد مخالفة الشارع فلم يذكر اسم الله على شيء أراد التقرب به إليه، فلم تؤكل ذبيحته، بخلاف المخطئ والجاهل فهو معذور، فعدم ذكر التسمية ليس من فعله ولا قصده وليس هذا حقًا من حقوق الآدميين فيضمنه، بل هو حق الله تعالى، ولله سبحانه قد أسقط عن المعذور من التأثيم والفعل في الآية الثانية، والحديث الثاني مما ذكرنا، فلو لم يجزئ الأكل من الذبيحة متروكة التسمية من غير عمد أو قصد: للحق الناس ضرر؛ لكثرة ما يقع، فدفعًا لذلك: شُرع الأكل منها، تنبيه: ما ذكرناه في التسمية هنا يقال في =

<<  <  ج: ص:  >  >>