للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ويُستحب القضاء) أي: قضاء رمضان فورًا (مُتتابعًا)؛ لأن القضاء يحكي الأداء، وسواء أفطر بسبب مُحرَّم أو لا، (٢١) وإن لم يقض على الفور: وجب العزم

السميع العليم" ويقول: "ذهب الظمأ، وابتلَّت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله" لقاعدتين: الأولى: السنة القولية؛ حيث قال: "للصائم عند فطره دعوة لا تُردُّ " الثانية: السنة الفعلية؛ حيث كان يذكر الله عند فطره، ويدعو بما ذُكر، وغيره فإن قلتَ: لِمَ استُحب هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك مُتضمِّن لشكر الله على أن أعانه على صيام هذا اليوم -، وبالشكر تزيد النعم-، والدعاء عند الإفطار أقرب إلى الاستجابة من غيره؛ لكون العبد في حالة من التعب والإرهاق والتذلل والخضوع.

(٢١) مسألة: يُستحب قضاء رمضان -لمن أفطر فيه بعذر أو غيره- مُتتابعًا، وبعد رمضان فورًا، ولا يجب ذلك؛ لقاعدتين: الأولى: الكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ فأوجب الشارع هنا القضاء، وأطلق في زمنه، فلم يُقيِّد ذلك بكونه بعد رمضان مباشرة، أو أن يكون هذا القضاء مُتتابعًا فدل على عدم وجوبهما ـ أعني الفور، والتتابع-، الثانية: المصلحة؛ حيث إن قضاء رمضان فورًا ومُتتابعًا فيه احتياط المسلم لنفسه؛ حيث يُسرع بإبراء ذمَّته، والإسراع في ذلك مُستحب، فإن قلتَ: إنه يجب أن يكون قضاء رمضان مُتتابعًا، وهو قول بعض العلماء؛ لقول الصحابي؛ حيث إن عائشة كانت تقول ذلك حتى أنها قرأت الآية السابقة: ﴿فعدة من أيام أخر متتابعات﴾ فهذا يدل على وجوبه قلتُ: يُحتمل أن يكون ذلك تفسيرًا منها للآية، ويُحتمل أنها قراءة لم تثبت صحتها، ويُحتمل أنه قول لها، وإذا تطرَّق الاحتمال إلى الدليل بطل به الاستدلال فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: تعارض قول الصحابي مع مطلق الآية" فعندنا:

<<  <  ج: ص:  >  >>