(ويُكره القزع) وهو: حلق بعض الرأس وترك بعض، وكذا: حلق القفا لغير حجامة ونحوها (١٨)، ويُسن إبقاء شعر الرأس، قال أحمد:"هو سنة لو نقوى عليه
للأضرار، فإن قلتَ: إن الختان واجب لمن لا يتضرَّر به - وهو ما ذكره المصنف هنا -؛ للتلازم؛ حيث يلزم من اشتراط الطهارة لصحة الصلاة: وجوب الختان؛ لأنه وسيلة إلى حصول تلك الطهارة؛ لأن تلك الجلدة أو اللحمة الزائدة تجتمع تحتها بقايا بول، أو قاذورات، فقطعها يُحقق كمال الطهارة، قلتُ: إنه يمكن إزالة النجاسات والقاذورات بدون قطع تلك الحشفة أو اللحمة الزائدة عند أكثر الناس، فلا يلزم وجوب الختان من اشتراط الطهارة، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض التلازم مع السنة القولية" فعندنا: تبقى السنة على عمومها، وعندهم: يقوى التلازم على تخصيص الختان بالوجوب، تنبيه: قوله: "وكره في سابع يوم، ومن الولادة إليه" قلتُ: لم أجد دليلًا على ذلك؛ إذ استحباب الختان ورد مطلقًا بدون تحديد وقت، وما كان ذلك شأنه: جاز الاجتهاد فيه، والمصلحة اقتضت ما قلناه.
(١٨) مسألة: يُكره حلق بعض الرأس وترك البعض الآخر: سواء كان من جانبيه، أو من مُقدمته، أو من قفاه، أو من وسطه - وهذا هو المسمى بـ "القَزَع" -، هذا إذا لم يكن هناك حاجة، أما إن وُجدت حاجة: كحلق بعضه للاستشفاء من حكة، أو جروح، أو لأجل احتجام: فلا يُكره؛ لقاعدتين: الأولى: السنة القولية، حيث "نهى ﵇ عن القزع" والنهي هنا للكراهة، والذي صرفه من التحريم إليه: المصلحة؛ حيث إن ذلك شُرع لمنع المسلم من تشويه نفسه بالقزع، الثانية: المصلحة؛ حيث إن تحسين المظهر مطلوب شرعًا، والقزع يُنافي ذلك فكُره، وإنما لم يُكره للمعذور؛ لدفع الأذى عن نفسه.