للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

البخاري: «من تَورِ الصُّفر» (١).

[٧/ ١] مسألة: (فأما آنية الذهب والفضة والمضَبَّبِ بهما فإنه يحرم اتخاذها واستعمالها على الرجال والنساء)؛ لما روى حذيفة (٢) أن النبي قال: «لا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافها، فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة»، وقال : «الذي يشرب في آنية الذهب إنما يجرجر في بطنه نار جهنم» متفقٌ عليهما (٣) (٤)؛ فتوعد عليه بالنار فدل على تحريمه؛ ولأن فيه سرفًا، وخيلاءَ، وكسر قلوب الفقراء، ولا يحصل هذا في ثمين الجواهر، لأنه لا يعرفها إلا خواص الناس.

ويحرم اتخاذ آنية الذهب والفضة؛ لأن ما حرم استعماله حرم اتخاذه كالطُّنبور، ويستوي فيه الرجال والنساء لعموم الخبر، وإنما أبيح للنساء التَّحلّي للحاجة إلى الزِّينة للأزواج، فيبقى ما عداه على التحريم. (٥)


(١) الحديث أخرجه البخاري في صحيحه (١٩٤) ١/ ٨٣ عن عبد الله بن زيد قال: «أتى رسول الله فأخرجنا له ماء في تور من صفر فتوضأ فغسل وجهه ثلاثًا ويديه مرتين مرتين … »، ومسلم في صحيحه (٢٣٥) ١/ ٢١٠، وأبو داود في سننه (١٠٠) ١/ ٢٥، وابن ماجه في سننه (٤٧١) ١/ ١٥٩، ولم أجد لفظ (من تور الصفر) معرفًا كما أوردها المصنف، والله أعلم.
(٢) حذيفة هو: أبو عبد الله حذيفة بن اليمان العبسي (ت ٣٦ هـ)، من كبار الصحابة، وصاحب سر رسول الله ، هاجر إلى النبي ، شهد أحدًا والمشاهد بعدها، واستعمله عمر على المدائن فلم يزل بها حتى مات بعد ولاية عثمان بأربعين يومًا. ينظر: التاريخ الكبير ٣/ ٩٥، والاستيعاب ١/ ٣٣٥، والإصابة ٢/ ٤٤.
(٣) الحديث الأول: في صحيح البخاري (٥٣٠٩) (٥٣١٠) ٥/ ٢١٣٣، وصحيح مسلم (٢٠٦٧) ٣/ ١٦٣٧.
والحديث الثاني: في صحيح البخاري (٥٣١١) ٥/ ٢١٣٣، وصحيح مسلم (١٦٣٤) ٣/ ١٦٣٤.
(٤) حاشية: روته أم سلمة.
(٥) ما قرره المصنف هو المذهب، وعليه جمهور الحنابلة، وحاصل علة تحريم اتخاذ آنية الذهب والفضة في المذهب ترجع إلى:
١ أن ما حرم استعماله مطلقًا حرم اتخاذه إذا كانت صناعته قد عملت على هيئة الاستعمال كالطنبور.
٢ ولأن النص ورد بتحريم الشرب والأكل من آنيتهما للسرف والخيلاء وكسر قلوب الفقراء وهي موجودة في الاتخاذ، وغيرهما في معناهما.
٣ - ولأن اتخاذهما يدعو إلى استعمالهما، ويفضي إليه غالبًا فحرم كالخلوة بالأجنبية.
٤ - التضييق على النقدين، وذلك باستعمالهما في غير ما ينفع. ينظر: المغني ١/ ٥٩، وشرح العمدة ١/ ٣٧، والآداب الشرعية ٣/ ٤٧٤، والإنصاف ١/ ١٤٥، وكشاف القناع ١/ ٩٠.
والرواية الأخرى في المذهب هي أنه يجوز اتخاذ الذهب والفضة، وحكيت وجهًا عن أبي الحسن التيمي، وقال في الفروع ١/ ١٠٣: «وهو غريبٌ»، وقال في الإنصاف ١/ ١٤٦: «هذا بعيدٌ جدًا، والنفس تأبى صحة هذا».

<<  <  ج: ص:  >  >>