للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثم عاد إلى مُرسية في سنة ست وعشرين، وقد حصَّل في رحلته علومًا جمة، ورواية فسيحة، وكان عارفًا بالسنن والآثار، مشاركًا في علم القرآن وتفسيره، حافظًا للفروع، بصيرًا باللغة والغريب، ذا حظ من علم الكلام، أديبًا بليغًا، خطيبًا فصيحًا، ينشئ الخطب، مع الهدي والسمت، والوقار والعلم، جميل الشارة، محافظًا على التلاوة بالخشوع، راتبًا على الصوم.

وأخذ في إسماع الحديث، وتدريس الفقه، ثم ولي القضاء بمرسية، ثم نقل إلى قضاء شاطبة، فاتخذها وطنًا، وكان يسمع الحديث بها، وبمرسية وبَلَنْسية، ويقيم الخطب أيام الجمع في جوامع هذه الأمصار الثلاثة، متعاقبًا عليها.

ووصفه غير واحد بالتَّفنُّن في العلوم والمعارف، والرسوخ في الفقه وأصوله، والمشاركة في علم الحديث والأدب، وقال ابن عياد في حقه: إنه كان صليبًا في الأحكام، مقتفيًا للعدل، حسن الخَلق والخُلق، جميل المعاملة، لين الجانب، فَكِه المجالسة، ثبتًا، حسن الخط، من أهل الإتقان والضبط، وكانت عنده أصول حسان بخط عمِّه، مع "الصحيحين" بخط الصوفي في سفرين، ولم يكن عند شيوخنا مثل كتبه في صحتها وإتقانها وجودتها، ولا كان فيهم من رُزق عند الخاصة والعامة من الحظوة والذكر والجلالة ما رزقه.

توفي بشاطبة مصروفًا عن قضائها، آخر ذي الحجة سنة خمس وستين وخمسمائة، ودفن أول يوم من سنة ست وستين وخمسمائة، وكان مولده في رمضان سنة ست وتسعين وأربعمائة (١).


(١) مصادر الترجمة: "نفح الطيب" للتلمساني (٢/ ٣٦١)، و"بغية الملتمس" للضبي (٣٠٨)، و"التكملة" لابن الأبار (٢/ ٣٥)، و"الديباج المذهب" لابن فرحون (٢٨٧)، و"سير أعلام النبلاء" للذهبي (٢٠/ ٥٠٨) و"العبر" له (٤/ ١٩٣)، و"الوافي بالوفيات" للصفدي (٥/ ٢٥٠)، =

<<  <  ج: ص:  >  >>