للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال ابن رشيد: "ومد اللَّه تعالى في عمر أبي عبد اللَّه الفربري، وبارك فيه حتى انفرد برواية "الصحيح" زمانًا؛ لذهاب رواته، فرحل إليه في روايته عنه، وتنوفس في سماعه منه" (١).

فالطريق المعروف اليوم إلى البخاري في مشارق الأرض ومغاربها باتصال السماع؛ طريق الفربري، وعلى روايته اعتمد الناس؛ لكمالها وقربها وشهرة رجالها.

وكان عنده أصل البخاري، ومنه نقل أصحاب الفربري، فكان ذلك حجة له عاضدة، وبصدقه شاهدة.

ثم تواتر الكتاب عن الفربري، بل زاد حتى كأنما عناه القائل:

تواتر حتى لم يدع لي ريبة … ولم يك عما خبروا متعقب

فتطوق به المسلمون، وانعقد عليه الإجماع؛ فلزمت به الحجة، ووضحت المحجة. والحمد للَّه رب العالمين.

الروايات عن الفربري:

ومع هذا العدد من التلاميذ والروايات تظل رواية الفربري هي الأكثر انتشارًا، والتي عليها المعول في رواية الكتاب إلى يومنا هذا، فهي بمنزلة الأم لكل الروايات؛ نظرًا لاكتمالها وإتقانها، فقد سمع الفربري "الصحيح" من البخاري مرتين: "مرة بفربر سنة ثمان وأربعين ومائتين، ومرة ببخارى سنة اثنتين وخمسين ومائتين" (٢)، وساعد على ذلك أيضًا تأخر وفاة الفربري نسبيًّا عن أقرانه المشاركين له في رواية الكتاب.


(١) المصدر السابق (ص: ١٧).
(٢) "التقييد" (١/ ١٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>