وكان شيخ الأزهر إذ ذاك الشيخ حسونة النواوي ﵀، فجمع ستة عشر عالمًا من الأعلام، على رأسهم الشيخ سليم البشري ﵀، والشيخ حسن العدوي ﵀، وقد ورد ذكرهم في نص بيان الشيخ حسونة المرفق بختام هذه المقدمة، وقابلوا المطبوع على النسخة اليونينية التي أرسلها لهم صاحب الدولة الغازي أحمد مختار باشا، المندوب العالي العثماني في القطر المصري، وكذا تمت المقابلة على بعض الفروع الموثقة التي ربما فاقت الأصل. نقلا عن مقدمة الشيخ شاكر ﵀ بمعناه.
وعلى هذا فقد توفرت لهذه الطبعة كل المقومات العلمية التي تجعل منها أنموذجًا يحتذى به في علم الضبط والتحقيق، وحاشيتها تعد أدق حواشي كتب الحديث المطبوعة على الإطلاق؛ لما تحويه من تتمات للنص، وضبط لاختلافات الروايات تدل على دقة علمائنا، وأنهم الرواد الحقيقيون لعلم ضبط وتحقيق النصوص؛ الذي هو علم إسلامي خالص، بأصوله وفروعه، حيث اقتصر دور الأمم الأخرى على الاقتباس والمحاكاة.
بيد أن البعض قد ضاق ذرعًا بهذه الحواشي؛ لعدم درايته بفقه التعامل معها، مما دفعهم إلى هجران هذه الطبعة، مما قلل من انتشارها وعدم العناية بها، بل ازداد الأمر خطورة؛ إذ أقدم بعض الناشرين على إعادة إصدار هذه الطبعة بعد تجريدها من الحواشي؛ ظنًّا منهم أنها من سقط المتاع، ما ذهب بالكثير من قيمتها.
ومع التسليم بقيمة وأهمية هذه الطبعة، إلا أن الأمر لا ينفك عن بعض الملحوظات التي لا تأثير لها على اعتمادية الطبعة، لكنها ملحوظات يمليها التحقيق العلمي وتيسر للباحث الاستفادة منها، ونفصل الكلام عنها بعد قليل.