رأى الشاعر أوّلاً أنّ صاحبته إذا سمحت له بنظرة ينظرها إليها فإنّها لا تعطيه إلاَّ عطاءً قليلاً، فأطلق عبارته فقال:"ألَيْسَ قَلِيلاً نَظْرَةٌ إِنْ نَظَرْتُهَا إِلَيْكِ" ولكن تَنَبَّهَ عَقِبَهَا إلَى أنّ القليلَ مِنْهَا بالنسبةِ إلَيْهِ شَيْءٌ كثيرٌ يكَثِّرُه حبُّهُ لها وشوقُه إليها، فاستَدْرَك على نفسه، فنقضَ قولَهُ بأُسلوبِ زَجْرِ نفسه زَجْرِ نفسه على أوّل تفكيره وتعبيرِه فقال:"وَكَلاَّ لَيْسَ مِنْكِ قَليلُ".
كلُّ هذهِ كانت خواطِرَ مارّةً في نفسه، فرأى بأُسْلوبِه الأَدَبيّ أن يُعَبِّر عنها كما هيَ، ويُدَوِّنَها في شِعْرِهِ.
ويُشْبِهُ قولَ هذا الحماس قولُ القائل:
قَلِيلٌ مِنْكَ يَكْفِيني ولَكِنْ ... قَلِيلُكَ لاَ يُقَالُ له قَلِيلُ
ونظيره قولُ المتنبّي من قصِيدَةٍ يُمْدَحُ بها سَيْفَ الدولة: