فَتَىً كُنْتُ أرْتَابُ في شَأنِهِ ... وأَحْسَبُهُ مَاكِراً فَاسِقاً
فلَمّا تَقَصَّيْتُ أَسْرَارَهُ ... رَأَيْتُ بِهِ وَرِعاً صَادِقاً
الأسلوب الثالث: التجريد باستخدام "الباء" الجارّة الداخلة على المنتزَع:
ومنه قول الشاعر:
وَشَوْهَاءَ تَعْدُو بي إلَى صَارِخِ الْوَغَى ... بِمُسْتَلْئِمِ مِثْلِ الْفَنِيقِ الْمُرَحَّلِ
وشَوْهَاء: أي: ورُبّ فَرَسٍ شَوْهَاءَ قبيحة المنظر لِسَعَةِ أشداقها، وهذا مما يستحْسنُ في الخيل المعدَّة للحرب.
تَعْدُو بي: أي تُسْرِعُ بي.
إلى صَارخ الوغى: أي: إلى الصّارخ الذي يَصْرُخ داعياً إلى الحرب.
بمُسْتَلْئِمٍ: الْمُسْتَلْئِم هو لابس لأمَةِ الحرب، أي: عدّة الحرب وسلاحها، ويقصد نفسه، إذ هو الْمُسْتَلْئِمُ، والفرسُ تَعْدُو به، وهذا على سبيل التجريد، والباء هنا داخلة على المنتزَعِ لا على المنتزَعِ منه.
مِثْلِ الْفَنِيق: الْفَنِيقُ هو الْفَحْلُ المكرَّم عند أهله، شبّه نفسه به.
الْمُرَحَّلُ: هُو البعيرُ الذي وُضِعَ عليه رَحْلُه وأرْسِلَ مُنْدَفِعاً في رِحْلَتِه.
الأسلوبُ الرابع: التجريد باستخدام حرف الجرّ "فِي" داخلاً على المنتزع منه.
ومن أمثلته قولُ الله عزّ وجلّ في سورة (فُصِّلَتْ/ ٤١ مصحف/ ٦١ نزول) :
{ذَلِكَ جَزَآءُ أَعْدَآءِ الله النار لَهُمْ فِيهَا دَارُ الخُلْدِ جَزَآءً بِمَا كَانُوا بِآياتِنَا يَجْحَدُونَ} [الآية: ٢٨] .
إنّ جهنَّمَ هي دَارُ الْخُلْدِ يوم الدّين لأعداء الله، ولكن جاء على طريقة التجريد، إذِ انْتُزِعَ من جَهَنَّمَ دَارٌ وجُعلَتْ داراً لهم، بأسلوب استخدام "في" الجارّةِ