للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واقتضت فنّيَّةُ الأداء البيانيّ أن لاَ تُكرَّرَ مع كُلّ مجموعة، وأن يُذْكَرَ كُلُّ منها عَقِبَ مجموعةٍ منها.

ولَوْ تكَرَّرَتْ لضَعُفَتْ بلاَغةُ النصّ، وكذلك لو أُخِّرَتْ وجاءت على صِيغَةِ تعقيبٍ واحدٍ متتابع الجمل.

فَمَا جاء في هذا النصّ هو من أمثلة التكامل الإِبداعي في أساليب البيان القرآنيّ المجيد.

***

المثال الثالث:

قول الله عزَّ وجلَّ في سورة (النحل/ ١٦ مصحف/ ٧٠ نزول) :

{هُوَ الذي أَنْزَلَ مِنَ السماء مَآءً لَّكُم مَّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ * يُنبِتُ لَكُمْ بِهِ الزرع والزيتون والنخيل والأعناب وَمِن كُلِّ الثمرات إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ * وَسَخَّرَ لَكُمُ الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ * وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الأرض مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ * وَهُوَ الذي سَخَّرَ البحر لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الفلك مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * وألقى فِي الأرض رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَاراً وَسُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الآيات: ١٠ - ١٥] .

جاء في هذا النصّ ذِكْرُ مجموعاتٍ من آيَاتِ الله في كونه الدّلالاّتِ على صفات رُبُوبيّته، والهادية إلى إثبات ذاته جلَّ وعلا.

وهذه الآيات إنما يستفيد من دلالاتها المتفكّرون فيها، الذين يعْقِلون النتائجَ بعد أن يتوصَّلُوا إليها بعقولهم الواعية، ثمّ بعد أن يعقلوها يعْمَلُون على تذكُّرِها آناً بَعْدَ آن للاستفادة منها في استنباط حقائق جديدة، وفي الهداية إلى ما يُحَقِّق رضوان

<<  <  ج: ص:  >  >>