التكامُل في أساليب البيان القرآن بين الأشباه والنظائر
من روائع الإِبداع في البيان القرآني ما يُمْكِنُ أن نُطْلق عليه اسم "التكامل في الدلالات بين الأشباه والنظائر" وهو تخصيص كلِّ صِنْفٍ من الأشباه والنظائر في النّصّ بتعبيرٍ يُفيدُ معنىً خاصّاً، وهذا التعبير يصْلُح اطّرادُه في سائر الأشباه والنظائر، وبتوزيع التعبيرات ذوات الدّلالات المختلفات على الأشباه والنظائر يحصُل الاستغناء عن إعادةِ كُلّ شبيهٍ ونظيرٍ عدّة بِعَدَدِ هذهِ التعبيرات، للإتيان به في كلِّ مرّةٍ مقترناً بواحدٍ منها حتى استغراقها.
وفي هذا الاستغناء إيجازٌ رائعٌ، واقتصادٌ في التعبير من جهة، ومَسَرَّةٌ لنباهَةِ الأذكياء من جهةٍ أخْرى، وتخلُّصٌ من الرّكاكة التي يجلُبُها التكرير في طريقة التعبير من جهة ثالثة.
وتتكامَلُ التعبيراتُ فيما بينها في أداء المقصود من دلالاتها المختلفات، ويُفْهَمُ هذا التكامل من قرينة جَمْع الأشباه والنظائر في نصٍّ واحدٍ، وقَدْ يَدُلُّ عليه بدءٌ وختام.
وقد يُلاحظُ معَ هذا التنويع التكامليّ في العبارات ذوات الدلالات المختلفات براعَةُ انتقاءِ التعبير الأكثر مُلاءَمَةً للنوع الذي يُقْرَنُ به من الأشباه والنظائر، مع صلاحيّة التعبيرات الأخريات له.
وأمثّل لهذا التكامل البديع بما يلي:
المثال الأول:
قول الله عزَّ وجلَّ في سورة (الحجرات/ ٤٩ مصحف/ ١٠٦ نزول) :