دائماً، وقائلونَ في كلّ المعارك لإِخوانهم: هلُمَّ إلينا، لا تخرجوا مع محمّد إلى قتال.
***
المثال الثاني:
جاء في سورة (الماعون/ ١٠٧ مصحف/ ١٧ نزول) وهي من أوائل التنزيل المكّي بيانٌ لبعض صفات المكذّبين بالدّين، أي: بالجزاء الذي يُجْريه الله في الآخرة، بَعْد البعث ليوم الدين.
أمّا الصفات التي ذُكِرَتْ فيها للمكذِّب بيَوْم الدين فهي ما يلي:
(١) أنّه يَدُعُّ اليتيم، أي: يدفَعُه بعُنْفٍ وقَسْوة، بسَبَب أنّ الرَّحْمَة نُزِعَتْ من قَلْبه، إذْ هُو لاَ يُؤْمِنُ بيوم الدّين حتَّى يطْمَع بثواب الله، أو يخاف من عقابه.
(٢) أنَّه لا يحضُّ على إطْعَامِ الْمِسْكين، أي: فكيف يَبْذُل من طعامه أو ماله.
(٣) أنّه لا يهْتَمُّ بأنْ يُصَلِّيَ لِرَبّه، ولو آمن بوجوده، بلْ يظلُّ ساهياً، لأنّه مكذّبٌ بيَوْم الدّين، فإذا صلَّى أو عَمِلَ عملاً من أعمال الخير على عادة أهل الجاهليّة فإنّه يُرَائي الناسَ بذلك. ولا يَعْمَله لله عزّ وجلَّ، وَغَرَضُه ممّا يرائي به جَلْبُ مَغْنَم، أو دفْعُ مَغْرَم، على أنَّ ما يُرائي به لا يكلّفُه في الغالب مالاً، والأصلُ فيمن يُصَلِّي لله حقّاً أنْ تَدْعُوَه صلاتُهُ لفعل الخير وأنْ تَنْهاه عن الفحشاء والمنكر، لكنّ المكذّب بالدِّين يكون ساهياً عمّا تدعو إليه الصلاة، وعمّا تنهى عنه الصّلاة، لأنّه إذا صَلَّى مُرَائياً، فصلاتُه وعَدَمُها سواء.
(٤) أنّه شحيحٌ كزُّ النَّفْسِ، يَمْنَعُ أَيَّةَ مَعُونَةٍ، حتَّى الأمْتِعَةِ الَّتي تُسَمَّى "الماعون" عند العرب، والّتي يَتَساهَلُ البخلاء بإعارتها، يمنَعُها إذا لم يكن له في إعارتها منفعةٌ دُنيويّة.