وقال بعد ذلك في وصف صاحبها:{وَأَصَابَهُ الكبر} والإِنسان حينما تكبر سنّة يشتد حرصه على بستانه، وينقطع أَمَلُهُ مِن إِعَادَةِ تشجيره والعناية به.
وأتبع ذلك بقوله:{وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَآءُ} فأبان بهذا مبْلَغَ لَهْفَتِه، على جنته، من أجْلِ ذُرّيّتِهِ الضعفاء.
بعد هذا الاستقصاء في وصف الجنّة، ووصف حال صاحبها، ومبلغ تعلّقه بها وحرصه عليها، قال تعالى:
{فَأَصَابَهَآ إِعْصَارٌ} والإِعصارُ أشدُّ الظواهر الكونية المهلكة للجنّات، ولم يقتصر على ذكر الإِعصار بل أضاف قولَهُ:{فِيهِ نَارٌ} وهو أعْنَفُ أنواع الأعاصير المهلكة.
وقدّم أخيراً فِقرةَ الختام التي أتمّ بها أحداث المأساة فقال تعالى:{فاحترقت} .
وكان هذا الختام آخر استقصاء صارت به الجنّة البديعة المثمرة رماداً.
كذلك حالُ من يُتْبِعُ صدَقته بالمنّ والأذى.
ما أروع هذا التمثيل وأتقَنَهُ، وأَكْثَرَه تَتبُّعاً واستقصاءً للجزئيات حتى لا مزيد عليها.
أقول: حسْبُ الاستقصاء هذا الشاهد القرآني، لأننا لا نكاد نجد في غير القرآن استقصاءً بديعاً إلاَّ في الْقِصَص المطوّلة.
***
الطريقة الحادية عشرة:"التعليل".
التعليل: زيادةٌ في الكلام عن أصل المعنى الذي يُقْصَدُ التعبير عنه لبيان علّته، أو سببه، أو الدليل على صحته أو نفعه وفائدته.