فقوله:"وإِنْ كُنْتُ الأَخير زَمَانُهُ" كلامٌ لم يدفع به إيهاماً، إلاَّ أنَّهُ زيادة أفادت التَّنْبيهَ على أنّ المتأخرين قَدْ يأتُونَ بما لم يأت به الْمُتَقدِّمون، وأنّ مقولَةَ: ما تركَ الأوّل للآخِرِ شيئاً مقُولَةٌ غَيْرُ صحيحة، فهذا القول "تتميم" أشار به إلى ردّ مقولة باطلة:
(٦) قول المتنبي في صباه يمدح محمّد بن عُبَيْدِ اللَّهِ العلَويّ:
أي: له أيادٍ محسناتٌ إليّ، أو سابقةٌ إلي أَعْدُّ بَعْضَها وَلا أستطيعُ أنَّ أُعَدِّدَهَا كُلَّها مُحْصِياً.
فعبارة "ولا أُعَدِّدُها" جاءت زائدة على المقصود من القول، ولم تدفع إيهاماً، لكنَّها زيادة مفيدة أشار بها إلى كثرة أيادي ممدوحة، فهو لكثرتها غير قادِرٍ على أنْ يعدّدها محصياً لها، فالعبارة إذن "تتميم" جميل.
الشطر الثاني من هذا البيت زائد على المقصود من القول، ولم يدفع إيهاماً، فهو تتميم أكّدَ بِهِ الشاعر أنّه وقومه شجعان يواجهون المقاتلين بصدورهم، ولا يفرّون مُدْبرين، فإذا أصابتهم الكلوم "أي: الجروح" في الحرْب كانت من جهة وجوههم فتتساقط الدماء على أقدامهم، ولم تكن من جهة ظهورهم.