للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المثال الرابع:

قول الله عزّ وجلّ في سورة (التحريم/ ٦٦ مصحف/ ١٠٧ نزول) خطاباً لاثنتين من زوجات الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

{إِن تَتُوبَآ إِلَى الله فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاَهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلاَئِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} [الآية: ٤] .

فذكرَ جبريل أوّلاً على سبيل الخصوص وبعد ذلك ذكر عموم الملائكة ومعلومٌ أنَّ جبريل عليه السلام يدخل في عموم الملائكة، لكن جاء إفراد جبريل بالذكر أوّلاً اهتماماً بشأنه، وتعظيماً لمقامه، وإشادة بمكانته عند الله.

***

الطريقة الثالثة: "التكرير" لدَاعٍ بلاغي، كقول عنْتَرة بين شدّاد في بعض روايات معلقته:

يَدْعُونَ عَنْتَرَ وَالرِّمَاحُ كَأَنَّها ... أَشْطَانُ بِئْرٍ فِي لَبَانِ الأَدْهَمِ

يَدْعُون عَنْتَرَ والسُّيُوفُ كَأنَّهَا ... لَمْعُ الْبَوَارِقِ في سَحَابٍ مُظْلِمِ

أَشْطَانُ بِئر: أي: حِبَالُهُ الّتي تُعلِّقُ بها الدِّلاَء.

في لَبَانِ الأَدْهَمِ: أي: في صَدْرِ الْفَرَسِ الأدْهم.

فكرّر عبارة "يَدْعون عَنْتَرَ" في البيتين إذْ قَصَد الافتخار بشجاعته، وبطلب الفرسان له في أحرج مواقف القتال.

والدواعي البلاغي للتكرير متعدّدة، فمنها ما يلي:

(١) تمكين المعنى وتأكيده في نفس المتلقِّي، وزيادة التنبيه على ما ينفي التهمة إذا كان البيان يقتضي ذلك.

(٢) التلذّذ بتكرير عبارات الفخر والإِشادة بالمآثر الحميدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>