للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنه قول الشاعر ابن الدمينة يخاطب معشوقته:

تَعَالَلْتِ كَيْ أشْجَى وَمَا بِكِ عِلَّةٌ ... تُرِيدِينَ قَتْلِي قَدْ ظَفِرْتِ بِذَلِكِ

فنزّلَ فِكْرةَ قَتْلِهِ منزلةَ الأَمْرِ المدرك بالحسّ الظاهر، فأشار إليها باسم الإِشارة، ولكن ألْمَحَ إلى أنّ لديه قدرة احتمال قد تؤخِّرُ موته فتجعَلُه بعيداً يشار إليه باسم الإِشارة الموضوع للبعيد.

***

الداعي التاسع: استخدام اسم الإِشارة الذي يُشار به إلى ذي أوصاف متعددة سبقت في الكلام، للإِشعار بأنّ هذه الأوصاف السابقة هي التي جعلته مستحقاً لأن يُحْكَمَ عليه بما جاء في جملته الخاصة.

الأمثلة:

* قول الله عزَّ وجلَّ في سورة (البقرة/ ٢ مصحف/ ٨٧ نزول) في صوف المتقين:

{الذين يُؤْمِنُونَ بالغيب وَيُقِيمُونَ الصلاة وَممَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * والذين يُؤْمِنُونَ بِمَآ أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَآ أُنْزِلَ مِن قَبْلِكَ وبالآخرة هُمْ يُوقِنُونَ * أولائك على هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وأولائك هُمُ المفلحون} [الآيات: ٣ - ٥] .

أيْ: إنَ الحكم لها بالفلاح وظفرهم به يوم الدين قد كان بسبب اتصّافهم بالأوصاف التي ذُكِرَت لهم فيما سبَقَ من النصّ في عدّة جُمَلٍ.

* وقول الله عزَّوجلَّ في سورة (البقرة) أيضاً في وصف الفاسقين:

{الذين يَنقُضُونَ عَهْدَ الله مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ الله بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأرض أولائك هُمُ الخاسرون} [الآية: ٢٧] .

أي: إنّ الحكم عليهم بأنّهم هم الخاسرون قد كان بسبب اتصافهم بالأوصاف التي ذُكِرَتْ لهم فيما سبَقَ من النصّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>