للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالمحبّون والعشاق يأنسون ويستمتعون بذكر أسماء من يحبون، ومن ذلك:

* قول مجنون ليلى:

بِاللهِ يَا ظَبَيَاتِ الْقَاعِ قُلْنَ لَنَا ... لَيْلاَيَ مِنْكُنَّ أَمْ لَيْلَى مِنَ الْبَشَرِ

* وأبان المتنبّي رغبة التلذّدِ بذكر أسماء الممدوح في قصيدة مدح فيها عضد الدولة، أبا شجاع، فَنَّاخُسْرو، الفارسيّ، فقال:

"أبَا شُجَاعٍ" بفارسٍ "عَضُدَ الدَّولَةِ" ... -"فَنَّا خُسْرُو"- "شَهِنْشَاهَا"

أَسَامِياً لَمْ تَزِدْهُ مَعْرِفةً ... وإِنَّمَا لَذَّةً ذَكَرْنَاها

***

الداعي السادس: إرادة التنفير، واستثارة الخوف، أو استثارة التقزّز من ذكر اسمه، وهذا يظهر حينما يكون المتحدَّث عنه مُخِيفاً أو مكروه الاسم ينْفِرُ منْه المتلقّي، كاسم "جنهّم" علماً على دار العذاب يوم الدين، وكاسم "الحجَاج" عند خصومه، واسم الضرّة على مسمع ضَرَّتِها، إذَا كانت أثيرة عند زوجها ومالكةً قلْبه، فسَمَاعُ اسم ضرّتها يثيرها ويغضبها ويهيّج غَيْرَتها.

ومن النفرة من الأسماء في غير باب الْعَلَمِ ما حدّثنيه بعض من مضى إلى رحمة الله من الأصدقاء، أنَّ عَلَماً ذَا شهرةٍ كبيرَةٍ من أهل العلم والأدب والقلم اللّسان يكره الْجُبْن منذ طفولته، وله طبْعٌ مزاجيٌّ أَذِيٌّ، إذا ذكر اسم الجبْنِ على مَسْمَعٍ منه تقزَّزَتْ نفسه، وثار غَضباً على من قصد إسماعه إيّاه.

وكان له صديق شاعر أديب يصاحبه في بعض نزهاته، ويجالسه في مجالس أُنسِهِ، وكانا يسيران معاً في إحدى الضواحي، فلقيهما من حدّثني القصّة، وهو من أهل هذه الضاحية، فقال له الشاعر: هل عندكم في بلدكم جبْنٌ حسَنُ الصنعة خالٍ من الغش؟

<<  <  ج: ص:  >  >>