وتمشّياً مع مُدَوّناتِ البلاغيين أعرض طائفة من الأمثلة الّتي جاءت فيها أدوات النداء مستعملةً في غير طَلَبِ الإِجابَةِ لأمْرٍ ما، الذي هو معناها الأصلي.
(١) ففي التحسُّر يُسْتَعْمَل النداء بمدّ الصوت تعبيراً عن تأوُّهٍ داخِلِيّ في النفس، فيقول المتحسّر مثلاً:"يَا حَسْرَتي - يَا حَسْرتا - يا حَسْرَتاه" ويرافق التحسُّرَ الندمُّ والتمني غالباً إذا كان المتحسِّر يتحسَّر من أجل نفسه.
وجاء هذا الاستعمال في القرآن تعبيراً عن حالة المتحسّرين، جرْياً على طريقة أهل اللّسان العربي في ذلك.
* في سورة (يس/ ٣٦ مصحف/ ٤١ نزول) عبّر الله عزّ وجلّ عمّا يَشْعُر به الذين يتحسّرون من أجل أهل الكفر الذين يعرّضون أنفسهم بكفرهم لعذاب الله الشديد، فقال تعالى:
* وفي سورة (الزمر/ ٣٩ مصحف/ ٥٩ نزول) وصف الله عزّ الله وجلّ حالة نفس الْمُسْرِفِ بالمعاصي، إذ تُنَادِي بالْحَسْرَةِ على ما فَرَّطَتْ في جنْب الله، حين يَنْزِل بها العذاب الرّبّاني، فقال تعالى خطاباً للّذين أسْرَفُوا على أنْفُسِهم: