لا بُدَّ أوّلاً من توافر الأركان الأساسية للكلام البليغ، وهي:
(١) مطابقته لمقتضى حال المخاطب به.
(٢) التزامه بقواعد اللّغة وضوابطها في مفرداتها وتراكيب جملها.
(٣) خلُوّه من التعقيد اللّفظي، والتعقيد المعنوي.
وبعد توافر هذه الأركان الأساسيّة توجد عناصر كثيرة تُكْسِبُ الكلام ارتقاءً أدبيّاً وتُعْطيه جمالاً وإبداعاً، ورونقاً وحياةً، وقدرةً على التأثير والهيمنة على النفوس والأفكار والقلوب.
وبمقدار ما يُمْكِنُ أن يجتمع في الكلام من هذه العناصر، متلائمةً غير متنافرة، متوائمة غير متشاكسة، مُتَحابّة غير متباغضة، مطابقةً لمقتضى حال المخاطب، يكون تسامي الكلام في سلّم الكمال الأدبيّ الرفيع، الّذي يحتلُّ قمّته لدى التحليل المِْجْهَريّ الدقيق كلام الله المعجز، ثمّ يأتي من دونه كلامُ الناس، مع المسافات الشاسعات بينه وبين قمّة كلام الناس.
وكما نقتبس عناصر الجمال والكمال من لوحات الطبيعة التي خلقها الله، فنعمل الأعمال الفنيّة الرفيعة بمحاكاة الفنون المختلفة فيها ضمن قدراتنا البشريّة، ونتتلمذ على الأمثلة الجمالية الكمالية التي تقدّمها لنا، فنكتسب منها الذوق، وفنون الصنعة الرائعة، بأشكالها وألوانها وأنغامها وملامسها وأنظمتها وحركتها وحياتها وعواطفها ولذّاتها وآلامها وذكرياتها وتحسّراتها وآمالها ومخاوفها، إلى سائر الظواهر الطبيعية في كل جامد متحركّ ونام وحيّ.
كذلك يقتبس أهل البصيرة عناصر الجمال والكمال الأدبي من اللّوحات