الوجه الثاني: أن يأخذ المنتحل لفظ السابق ومعناه، ولا يخالفه إلاَّ بالقافية أو نحوها، ومن أمثلة هذا الوجه قول امرئ القيس:
وَقُوفاً بها صَحْبِي عَلَيَّ مَطِيَّهُمْ ... يَقُولُونَ: لاَ تَهْلِكْ أسىً وتَجَمَّلِ
هذا البيت سَطَا عليه "طَرَفهُ بن العبد" فقال:
وَقُوفاً بِهَا صَحْبِي عَلَيَّ مَطِيَّهُمْ ... يَقُولُونَ: لاَ تَهْلَكْ أَسىً وتَجَلَّدِ
فغيّر الكلمة الأخيرة من البيت، ليوافق رويّ قصيدته.
الوجه الثالث: أنْ يأخذ المنتحل معنى السَّابق وأكثر ألفاظه، ومن أمثلة هذا الوجه ما رُويَ لِلأُبَيْرِد اليربوعي:
فَتىً يَشْتَرِي حُسْنَ الثَّنَاءِ بِمَالِهِ ... إِذا السَّنَةُ الشَّهْبَاءُ أَعْوَزَها القَطْرُ
وما رُوي لأبي نُواس:
فَتىً يَشْترِي حُسْنَ الثَّنَاءِ بِمَالِهِ ... وَيَعْلَمُ أنَّ الدَّائِرَاتِ تَدُورُ
فالشطران الأوّلان من البيتين متطابقان، والآخران مختلفان.
***
النوع الثاني: "المَسْخ" أو "الإِغارَة":
وهو أن يأخُذَ المُغِير بعض كلام السّابق، ولهذا النوع ثلاثة وجوه أيضاً:
الوجه الأول: أن يكون ما جاء به المُغير أبْلَغَ من كلام السابق، لما فيه من تجويد في سبك الكلام، أو اختصارٍ، أو إيضاحٍ، أو زيادة معنى، أو نحو ذلك.
وهذا الوجه مقبول ممدوح، ومن أمثلة هذا الوجه، قول الشاعر:
خَلَقْنَا لَهُمْ فِي كُلِّ عَيْنٍ وَحَاجِبٍ ... بِسُمْرِ القَنَا والبِيضِ عَيْنَا وَحَاجِباً
أي: فقأنا عيونهم برماحنا فصَارتْ كالعيون تنزف دماً، وضربناهم بالسُّيُوف على جباههم فجعلنا لهم مع كلّ حاجبٍ من الشَّعَر مثلهُ من ضربَةِ سَيْف.