للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ش، حم في الزهد (١).

٢/ ٥٨٩ - "عَنْ ضبةَ بنِ مِحْصَنِ العَنْزِى عن حيثمة بن محضر المعتوى قال: قُلتُ لعمرَ بنِ الخطابِ أنتَ خَيْرٌ من أبىِ بكرٍ، فبكَى وقالَ: والله لليلةٌ من أبى بكر ويومٌ خيرٌ من عُمْرِ عُمَرَ، هلْ لكَ أن أُحدثَكَ بليلتِهِ ويَوْمِهِ؟ قُلتُ: نَعَمْ يَا أمِيرَ المؤمِنِينَ قال: أمَّا ليلته فلما خرجَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - هَاربًا من أَهلِ مكةَ خرجَ ليلًا فتبعهُ أبو بكرٍ فجعلَ يمشِى مرةً أمامَهُ، ومرةً خلفَهُ، ومرةً عن يمينهِ، ومرةً عن يسارِهِ، فقالَ لهُ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: ما هذَا يَا أبَا بكرٍ؟ ما أَعرِفُ هذَا من فِعْلِكَ، فَقَالَ: يَا رسولَ الله: أَذْكرُ الرَّصْدَ فَأَكُونُ أمامَكَ، وأَذْكُرُ الطَّلَبَ، فَأَكُونُ خلفَكَ، ومرةً عن يمينِك، ومرةً عن يسارِكَ، لَا آمنُ عليكَ، فَمَشَى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ليلته على أطرافِ أصابِعِهِ حَتَّى حَفِيَت رِجْلَاهُ، فلما رآهَا أبو بكرٍ قد حَفِيَتْ حملَهُ علَى كاهِلِهِ وجعلَ يَشْتَدُّ بِهِ حتى أَتَى بِهِ فَم الغارِ فَأَنْزَلَهُ ثم قَالَ: والذى بَعَثَكَ بِالحقِّ لا تَدخلُهُ حتَّى أدخُلَهُ، فإِذَا كَانَ فِيهِ شئٌ نَزَل بِى قبلَكَ، فدخلَ فلم يَر شيئًا فحملَهُ فَدخَلَهُ، وَكَانَ فِى الغارِ خَرْقٌ فِيه حيَّاتٌ وأفَاعٍ فَخَشَى أبو بكرٍ أن يَخرجَ منهنَّ شئٌ يُؤذِي رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فَألقمهُ قدَمَهُ فجعلن يضربْنهُ ويلسعْنَهُ الحياتُ والأفاعى، وجعلتْ دموعُهُ تنحدِرُ وَرسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ لَهُ: "لا تحزنْ إن الله مَعَنَا" فأنزلَ الله سكينتَهُ طمأنينةً لأبِى بكرٍ، فهذه ليلتُهُ، وأمَّا يومُهُ فلما تُوُفِّى رَسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وارتدَّتِ العربُ فَقالَ بَعضهم نُصَلِّى ولا وَنُزَكِّى، وقالَ بَعْضُهمْ: لا نُصلِّى ولا نُزكِّى، فأتيتُهُ وَلَا آلُوهُ نُصْحًا،


(١) هذا الأثر أخرجه ابن أبى شيبة في مصنفه كتاب (الزهد) باب: كلام عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ج ١٣ ص ٢٧٣ رقم ١٦٣١٧ بلفظ: وكيع، عن سفيان، قال: كتب عمر إلى أبى موسى: إنك لن تنال الآخرة بشئ أفضل من الزهد في الدنيا.
قال المحقق: أورده الهندى في الكنز ٢/ ١٤٦ من طريق ابن أبى شيبة وغيره.
وأخرجه أحمد في الزهد - باب: زهد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ص ١٥٢، بلفظ: حدثنا عبد الله، حدثنا أبى، حدثنا وكيع، حدثنا سفيان قال: كتب عمر - رحمه الله - إلى أبى موسى: إنك لم تنل عمل الآخرة بشئ أفضل من الزهد في الدنيا، وإياك ومذاق الأخلاق ودناءتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>