للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وإذا نُزِلَ به، تعاهدَ بلَّ حَلْقِه بماءٍ أو شرابٍ، وندَّى شفتَيْه، ولقَّنه: لا إله إلَّا الله. مرَّة، ولا يُزادُ (١) على ثلاثٍ إنْ لم يَتكلَّم،

أنْ يَبيت ليلةً، وقدْ سامحناه في هذا المقدارِ؛ فلا ينبغي أنْ يتجاوزَه. وفيه حثٌّ على الوصيَّة.

ويُكرَهُ لمريضٍ الأنينُ وتمنِّي الموتِ. ويباحُ تداوٍ بمباحٍ، وتركُه أفضل، ويَحْرُمُ بمحرَّم مأكولٍ أو غيرِه، كصوتِ مَلْهاة (٢). ويجوزُ ببولِ إبلٍ فقط. قاله في "المبدع" (٣).

وكُرِهَ أنْ يستطِبَّ مسلمٌ ذميًا لغيرِ ضرورةٍ، وأنْ يأخذَ منه دواءً لم يبيِّن مفرداته المباحَة.

(وإذا نُزِلَ) بالبناء للمفعول (به) أي: المريض، أي: نزل به الملَك لقبضِ روحِه (تَعاهَدَ) -فِعلٌ ماضٍ، جوابُ "إذا" من تعاهدتُ الشيءَ: راعيتَ حالَه- أرفقُ (٤) أهلِ المريضِ وأتقاهُم لله تعالى (بَلَّ حَلْقِه) أي: المريض (بماءٍ أو شرابٍ، وَندَّى (٥) شفتَيْه) بقطنةٍ؛ لأن ذلك يطفئُ ما نَزَلَ به مِن الشِّدَّةِ، ويسهِّل عليه النُّطْقَ بالشهادة (ولقَّنه: لا إله إلا الله) لقولِه : "لَقنُوا موتاكُمْ: لا إله إلَّا الله" رواهُ مسلمٌ عن أبي سعيدٍ (٦).

ويُكتفَى في التَّلقينِ بـ (مرَّة) إن أجابَ ولم يتكلمْ بعدُ، وإلَّا، أعاد، فإنْ لقَّنه: لا إله إلا الله. ولم يُجِبْ، لقَّنه ثانيًا وثالثًا (ولا يُزادُ على ثلاثٍ) لئلَّا يُضْجِرَه (إنْ لم يتكلَّم) بعد الثلاث، فإن تكلَّم بعدها، أعاده؛ ليكونَ آخر كلامِه: لا إله إلا الله. ويكونُ برفقٍ، أي: بلطفٍ ومداراةٍ؛ لأنّه مطلوبٌ في كلِّ موضعٍ، فهنا أَولى.


(١) في المطبوع: "يزيد"، والمثبت موافق لما في "هداية الراغب".
(٢) الملهاة: آلة اللهو. "متن اللغة" (لهو).
(٣) ٢/ ٢١٤.
(٤) قبلها في الأصل و (س): "ندبًا"، وجاءت العبارة في (ح) و (ز): "أي: يسنُّ لأرفق أهل الميت وأتقاهم لله تعالى أن يباشرَ عند احتضار المريض بلَّ حلقه … ".
(٥) بعدها في (ح) و (ز): "المتعاهد".
(٦) "صحيح" مسلم (٩١٦)، وهو عند أحمد (١٠٩٩٣)، وأخرجه أيضًا مسلم (٩١٧) من حديث أبي هريرة .