للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

بمعرفةِ الحلالِ والحرامِ، والصلاةُ والسلامُ

قال الشيخُ البَابِلي (١): المَنُّ مِن الوالدِ والمعلِّم ليس ذمًّا.

وقوله: "علينا" أي: المفاضَةُ علينا، و "على" تعليليَّةٌ كما في قوله تعالى: ﴿وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٥] أي: لهدايته وأثرِها؛ إيماءً الى أنَّ الحمدَ مازَجَ النِّعَمَ وتمكَّن منها كتمكُّن المستعلِي على الشيءِ.

وقوله: (بمعرفة) متعلِّقٌ بـ "مَنَّ".

(الحلال والحرام) الحلالُ لغةً وشرعًا: ضدُّ الحرامِ، فيعمُّ الواجبَ والمندوبَ والمكروهَ والمباحَ.

والحرامُ لغةً: المَنْعُ، أي: الممنوعُ مِن فِعْله شرعًا.

وشرعًا: ما يُثاب على تَرْكِه امتثالًا، ويُعاقَب على فِعْله.

وفي تصريحه بالحلالِ والحرامِ براعةُ استهلالٍ، وهي: أن يُورِدَ كلُّ شارعٍ في فنٍّ ما فيه إشارةٌ إلى ما سبَق الكلامُ لأجلِه مِن كونِ التأليفِ في فنِّ كذا، وكونِ الكلامِ في تهنئةٍ أو تعزيةٍ وما أشبهَ ذلك؛ مشعِرًا بالمقصود، دالًا عليه من أوَّل الأمرِ، وأصلُ البراعةِ التفوُّقُ، وأصلُ الاستهلال رَفْعُ المولودِ صوتَه عند الولادةِ المشعِرةُ بحياتِه، فسُمِّي كلُّ ما أشعر بشيءٍ في الابتداء براعةَ استهلالٍ، والإضافةُ على معنى اللام، أو "في"، أو "من".

(والصلاةُ والسَّلامُ) المشهور أنَّ الصلاةَ مِن الألفاظِ المشتركةِ، وُضِعت للدُّعاء بوضْعٍ، وللرَّحمةِ بوضْعٍ، وللاستغفارِ بوضْعٍ، فهو من قَبيلِ المُشتَرك اللفظي، وهو: ما اتَّحد لفظُه، واختلفَ معناه، وتعدَّد وصفُه بتعدُّد معانيه، كالعَينِ.


(١) هو: أبو عبد الله، محمد بن علاء الدين، فقيه شافعي وأحد الأعلام في الحديث والفقه، وهو أحفظ أهل عصره لمتون الأحاديث وأعرفهم بجرحها ورجالها، له: "الجهاد وفضائله". (ت ١٠٧٧ هـ). "خلاصة الأثر" ٤/ ٣٩، و "الأعلام" ٦/ ٢٧٠.