للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وإن وصَّى لوارثٍ فصارَ عند الموتِ غيرَ وارثٍ، نفذَتْ، وعكسُه بعَكْسِه.

ومحلُّ قبولِها بعدَ موت، ويثبتُ المِلكُ به، ولا يصحُّ الردُّ بعدَه. ويصحُّ الرجوعُ في الوصيَّة،

وغيره، فلو (١) وصَّى لزيدٍ بتسعمئة، ولعمرٍو بستِّمئة، ومالُه ثلاثةُ آلاف، ولم تُجِزِ الورثةُ ما زاد على الثلثِ، فمجموعُ الوصيَّتَين ألفٌ وخمسمئة، وثُلُثُ المال ألفٌ، نِسبتُه إلى الوصيَّتين ثلثان، فلزيدٍ ثلثا وصيَّته ستُّمئة، ولعمرٍو ثلثا وصيَّتِه أربعمئة، وهكذا.

(وإنْ وصَّى لوارثٍ فصارَ عندَ الموتِ غيرَ وارثٍ) كأخٍ حُجِبَ بابنٍ (نَفدَتْ) وصيَّتهُ اعتبارًا بحالِ الموت؛ لأنَّه الذي به يحصلُ الانتقالُ للوارثِ والموصَى له (وعكسُه بعكْسِه) فمَنْ أَوصى لأخيه مع وجودِ ابنه، فمات ابنه، لم تنفُذِ الوصيَّةُ إنْ لم يُجِزْ باقي الورثة.

(ومحلُّ قبولها) أي: الوصيَّة بقولٍ أَو فِعْلٍ يدلُّ عليه (بعدَ موت) موصٍ؛ لأنَّه وقتُ ثبوتِ حقِّ الموصَى له، فلا يصحُّ قبلَه وهو على التراخي (ويثبتُ المِلكُ به) أي: بالقبول، أي: من حين القَبولِ بعدَ الموت؛ فلا يصحُّ تصرُّفه قبلَه، وما حدَثَ من نماءٍ منفصلٍ قبلَ القبولِ، فللورثةِ ويتَبع متَّصل.

(ولا يصحُّ) من موصى له (الردُّ) للوصيَّة (بعدَه) أي: بعد القبول، سواءٌ قبضَها أوْ لا؛ لاستقرار ملْكِه عليها بالقَبول.

(ويصحُّ) من موصٍ (الرجوعُ في الوصيَّة) بأنْ يقول: رجعتُ في وصيَّتي، أَو: أبطلْتُها، أَو: ردْدُتها، ونحوه؛ لقولِ عمرَ: يُغيّر الرجلُ ما شاءَ من وصيَّتِه (٢). والعِتْقُ كغيره.


(١) في (ح) و (س) و (م): "ولو".
(٢) أخرجه بهذا اللفظ ابن أبي شيبة ١/ ١١٧٢، وهو عند الدارمي (٣٢١٣) بنحوه.