للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسمعت أَبَا عَبْد اللَّه يَقُولُ: ما توليت شراء شيء قطّ ولا بَيْعه.

قلت: فمن يتولى أمرك فِي أسفارك؟

قَالَ: كنتُ أُكْفَى ذَلِكَ [١] .

وقال لي يومًا بِفَربْر: بلغني أنّ نَخّاسًا قدِم بجواري، فتصير معي؟

قلت: نعم.

فصرنا إِلَيْهِ، فأخرج جواري حِسَانًا صِباحًا، ثمّ أخرج من خلَالهنّ جارية خَزَريّة دميمة، فمس ذقنها وقال: اشتر لنا هذه.

فقلت: هذه دميمة قبيحة لَا تصلُح. واللَاتي نظرنا إليهنّ يمكن شراءهنّ بثمن هذه.

فقال: اشترها، فإنيّ مسست ذَقْنها، ولا أحبّ أن أمسّ جاريةً ثمّ لا أشتريها. فاشتراها بغلاء خمسمائة دِرهَم عَلَى ما قَالَ أهل المعرفة.

ثم لم تزل عنده حتّى أخرجها مَعَه إلى نَيْسابور [٢] .

وروي بَكْر بْن منير، وابن أَبِي حاتم، واللفظ لبكر، قَالَ: حُمِل إلى الْبُخَارِيّ بضاعة أنفذها إِلَيْهِ ابنه أَحْمَد. فاجتمع بِهِ بعض التّجّار وطلبوها بربح خمسة آلاف دِرْهم.

فقال: انصرفوا اللّيلة.

فجاءه مِنَ الغد تجّار آخرون فطلبوها منه بربح عشرة آلاف درهم، فقال:

أنّي نَوَيْت البارحةَ بَيْعَها للّذين أتوا البارحة [٣] .

وقال محمد بْن أَبِي حاتم: سَمِعْتُ أبا عَبْد اللَّه يَقُولُ: ما ينبغي للمسلم أنْ يكون بحالةٍ إذا دعا لم يُستَجَبْ لَهُ.

فقالت لَهُ امْرَأَة أخيه بحضرتي: فهل تبيَّنت ذَلِكَ أيّها الشّيخ من نفسك أو جرّبت؟


[١] تاريخ بغداد ٢/ ١١ وفيه زيادة، وتهذيب الأسماء واللغات ج ١ ق ١/ ٦٨، وسير أعلام النبلاء ١٢/ ٤٤٦، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٢/ ٢٢٧.
[٢] سير أعلام النبلاء ١٢/ ٤٤٧.
[٣] تاريخ بغداد ٢/ ١١، ١٢، سير أعلام النبلاء ١٢/ ٤٤٧، ٤٤٨، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٢/ ٢٣٧، مقدّمة فتح الباري ٤٨٠.