للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول: ذهبت الحيلة فليس حيلة. حَتّى صمت [١] .

قال: وحدَّثني شيخ من قُريش أنّه جعل يقول: أؤخذ من بين هذا الخلّق.

قال: وكان أصْهَب الّلحية جدًّا، وطويلَها [٢] .

قلت: وللمعتصم شعرٌ لا بأس به، وكلمات فصيحة.

قال نَفْطَوَيْه: فممّا يُرْوَى من كلامه: إذا شُغلت الألباب بالأداب، والعقول بالتعليم، تنبّهَت النفوس على محمود أمرها، وأبرز التّحريك حقائقها.

قال نَفْطَوَيْه: وحُدِّثت أنّه كان من أشدّ النّاس بطْشًا، وأنّه جعل زَنْد رجلٍ بين أصابعه، فكسره [٣] .

وقال عبد الله بن حمدون النّديم، عن أبيه، سمع المعتصم يقول: عاقل عاقل مرّتين أحمق.

وقال إسحاق بن إبراهيم الأمير: واللهِ ما رأيت كالمعتصم رجلًا. لقد رأيته يُمْلي كتابا، ويقرأ كتابا، ويعقد بيده، وإنّه لَيُنْشِدُ شعر أبي خِراش الهُذَليّ [٤] :

حَمِدتُ إلهِي بعد عُرْوَة إذ نجا ... خِراشٌ وبعضُ الشَّرِّ أهْوَنُ من بعضِ

بلى إنّها تَعْفُو الكُلُومُ، وإنّما ... يُوَكَّلُ بالأدنى، وإنْ جلّ ما يمضي

ولم أدرِ من ألقى عليه ردَاءه ... ولكنّه قد سئل [٥] عن ماجدٍ محضِ [٦]

مات المعتصم يوم الخميس، لإحدى عشر ليلةً بقِيَت من ربيع الأوّل، سنة سبْعٍ وعشرين ومائتين، وله سبْعٍ وأربعون سنة وسبعة أشهر [٧] .

قلت: فهذا يدلُ على أنّ مولده قبل سنة ثمانين بأشهر.


[١] تاريخ الطبري ٩/ ١١٩.
[٢] تاريخ بغداد ٣/ ٣٤٧.
[٣] خلاصة الذهب المسبوك ٢٢٢، مختصر التاريخ لابن الكازروني ١٤٠.
[٤] هو: خويلد بن مرّة، أحد بني قرد. شاعر فحل من شعراء هذيل المذكورين الفصحاء. انظر عنه في: الأغاني ٢١/ ٢٠٥- ٢٢٨.
[٥] في الأغاني: «سوى أنه قد سل» .
[٦] الأبيات في الجزء الثاني من ديوان الهذليين ٢/ ١٥٧، والأغاني ٢١/ ٢١٨، ومنها بيتان في الشعر والشعراء ٢/ ٥٥٤.
[٧] انظر: تاريخ الطبري ٩/ ١١٩.