للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بلغ عدد غلمانه. التُّرْك ثمانية عشر ألفًا.

وعن أحمد بن أبي دُؤاد قال: استخرجت من المعتصم في حَفر نهر الشّاش ألفي ألف، غير أنّه كان إذا غضب لا يُبالي من قتلَ [١] .

وقال إسحاق المَوْصِليّ: دخلت عليه وعنده قَيْنَةٌ تغني. فقال: كيف تراها؟

قلت: تقهر الغناء برِفْق [٢] ، وتختله برِفْق، وتخرج من الشيء إلى أحسن منه. وفي صوتها شجًى وشذور أحسن من الدُّرّ على النُّحور.

فقال: صِفتُكَ لها أحسن من غنائها [٣] ، خُذْها لك. فامتنعتُ لعِلمي بمحبتّه لها، فوصلني بمقدار قيمتها.

وبَلَغَنا أنّ المعتصم لمّا تجهّز لغزو عَمُّورِيَة حكم المنّجمون أنّ ذلك طالَع نَحْس، وأنّه يُكْسَر، فكان من ظَفْرِه ونَصْرِه ما لم يَخْفَ، وفي ذلك يقول أبو تمّام قصيدته البديعة [٤] :

السَّيفُ أصدق إنباءً من الكُتُبِ ... في حَدّهِ الحَدُّ بين الْجِدّ والَّلعبِ

منها:

والعلم في شهب الأيام لامعة ... بين الخمسين لا في السَّبْعةِ الشُّهُبِ [٥]

أين الراوية أمّ أين النّجومُ وما ... صاغوه من زُخْرُفٍ فيها ومن كذِبِ

تخرُّصًا وأحاديثًا مُلَفْقَةً ... ليست بنَبْع إذا عُدَّت ولا غَرَبِ

وعن أحمد بن أبي دُؤَاد قال: كان المعتصم يُخرج ساعده إليّ ويقول: يا أبا عبد الله، عُضّ ساعدي بأكثر قوّتك.


[١] تاريخ الطبري ٩/ ١٢١، الكامل في التاريخ ٦/ ٥٢٥، ٥٢٦.
[٢] في تاريخ الطبري: «تقهره بحذق» .
[٣] تاريخ الطبري ٩/ ١٢٢.
[٤] القصيدة في ديوان أبي تمّام ١/ ٤٠- ٧٤ بشرح التبريزي، وهي من واحد وسبعين بيتا.
[٥] البيتان في خلاصة الذهب المسبوك ٢٢١ وقال: وهذه القصيدة طويلة عددها ثلاثة وسبعون بيتا أعطاه جائزتها ثلاثة وسبعين ألف دينار على كل بيت ألف دينار.