للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِضْعٍ وَثَلاثِينَ فَارِسًا مِنَ الْجَزِيرَةِ وَاسْتَخْلَفَ عَلَيْهَا أَخَاهُ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ مُحَمَّدٍ فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى حَلَبَ بَايَعَهُ خَلْقٌ مِنَ الْقَيْسِيَّةِ ثُمَّ قَدِمَ حِمْصَ فَدَعَاهُمْ إِلَى الْمَسِيرِ مَعَهُ وَإِلَى بَيْعَةِ وَلِيَّيِ الْعَهْدِ الْحَكَمِ وَعُثْمَانَ ابْنَيِ الْوَلِيدِ وَكَانَا مَحْبُوسَيْنِ عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ الَّذِي اسْتُخْلِفَ بِدِمَشْقَ بَعْدَ وَفَاةِ أَخِيهِ يَزِيدَ بْنِ الْوَلِيدِ فَسَارَ مَعَهُ جَيْشُ حِمْصَ وَخَرَجَ لِحَرْبِهِ أَصْحَابُ إِبْرَاهِيمَ فَالْتَقَى الْجَمْعَانِ بِمَرْجِ عَذْرَاءَ فَهَزَمَهُمْ مَرْوَانُ، وَكَانَ عَلَيْهِمْ سُلَيْمَانُ بْنُ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَانْهَزَمَ بَعْدَ حَرْبٍ شَدِيدٍ، فَبَرَزَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْوَلِيدِ وَعَسْكَرَ بِمَيْدَانِ الْحَصَى وَمَعَهُ الْخَزَائِنُ فَتَفَلَّلَ عَنْهُ النَّاسُ فَتَوَثَّبَ أَعْوَانَهُ فَقَتَلُوا وَلِيَّيِ الْعَهْدِ الْمَذْكُورَيْنِ وَقَتَلُوا مَعَهُمَا يُوسُفَ بْنَ عُمَرَ فِي السِّجْنِ، وَثَارَ أَحْدَاثِ أَهْلِ دِمَشْقَ بِعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْحَجَّاجِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَقَتَلُوهُ لِكَوْنِهِ سَعَى فِي قَتْلِ هَؤُلاءِ الثَّلاثَةِ ثُمَّ أَخْرَجُوا مِنَ الْحَبْسِ أَبَا مُحَمَّدٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَوَضَعُوهُ عَلَى مِنْبَرِ دِمَشْقَ وَفَكُّوا قُيُودَهُ لِيُبَايِعُوهُ، وَوَضَعُوا رَأْسَ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَذْكُورِ بَيْنَ يَدَيْهِ فَخَطَبَهُمْ وَحَضَّهُمْ عَلَى الْجَمَاعَةِ، وَبَايَعَ لِمَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ فَهَرَبَ حِينَئِذٍ مِنْ مَيْدَانِ الْحَصَى إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْوَلِيدِ وَأَمَّنَ مَرْوَانُ أَهْلَ الْبَلَدِ وَرَضِيَ عَنْهُمْ، فَأَوَّلُ مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ بِالْخِلافَةِ أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَذْكُورُ وَاسْتَوْثَقَ لَهُ الأَمْرُ وَأَمَرَ بِنَبْشِ يَزِيدَ النَّاقِصِ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَصَلَبَهُ، وَأَمَّا إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّهُ خَلَعَ نَفْسَهُ وَبَعَثَ بِالْبَيْعَةِ إِلَى مَرْوَانَ فَأَمَّنَهُ، وَتَحَوَّلَ إِبْرَاهِيمُ فنزل الرقة خاملا ثم استأمن سليمان ابن هِشَامٍ فَأَمَّنَهُ مَرْوَانُ.

قَالَ الْمَدَائِنِيُّ وَغَيْرُهُ: كَانَ مَرْوَانُ عَظِيمَ الْمُرُوءَةِ يُحِبُّ اللَّهْوَ وَالسَّمَاعَ غَيْرَ أَنَّهُ شُغِلَ بِالْحُرُوبِ وَكَانَ يُحِبُّ الْحَرَكَةَ وَالأَسْفَارَ.

وَقَالَ مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ: سَمِعْتُ الْوَزِيرَ أَبَا عُبَيْدِ اللَّهِ يَقُولُ: سَأَلَنِي الْمَنْصُورُ: مَا كَانَ أَشْيَاخُكَ الشَّامِيُّونَ يَقُولُونَ؟ قُلْتُ: أَدْرَكْتُهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ الْخَلِيفَةَ إِذَا اسْتُخْلِفَ غُفِرَ لَهُ مَا مَضَى مِنْ ذُنُوبِهِ، فَقَالَ: إِي وَاللَّهِ وَمَا تَأَخَّرَ، أَتَدْرِي مَا الْخَلِيفَةُ؟ بِهِ تُقَامُ الصَّلاةُ وبه يحج البيت ويجاهد العدو، قال: فعدّد