للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمَعَاصِي وَالنِّفَاقَ، وَكَانَ إِلَى مَا عِنْدَ اللَّهِ بِالأَشْوَاقِ [١] .

وَعَنِ الْحَجَّاجِ أَنَّهُ خَطَبَ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ الصَّبْرُ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ أَيْسَرُ مِنَ الصَّبْرِ عَلَى عَذَابِ اللَّهِ. فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: ويحك مَا أَصْفَقَ وَجْهَكَ، وَأَقَلَّ حَيَاءَكَ، تَفْعَلُ مَا تَفْعَلُ، ثُمَّ تَقُولُ مِثْلَ هَذَا؟ فَأَخَذُوهُ، فَلَمَّا نَزَلَ دَعَا بِهِ فَقَالَ:

لَقَدِ اجْتَرَأْتَ، فَقَالَ: يَا حَجَّاجُ، أَنْتَ تَجْتَرِئُ عَلَى اللَّهِ فَلا تُنْكِرُهُ عَلَى نَفْسِكَ، وَأَجْتَرِئُ أَنَا عَلَيْكَ فَتُنْكِرُهُ عَلَيَّ، فَخَلَّى سَبِيلَهُ [٢] .

وَقَالَ شَرِيكٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: قَالَ الْحَجَّاجُ يَوْمًا: مَنْ كَانَ لَهُ بَلاءٌ فَلْيَقُمْ فَلْنُعْطِهِ عَلَى بَلائِهِ، فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: أَعْطِنِي عَلَى بَلائِي. قَالَ:

وَمَا بَلاؤُكَ؟ قَالَ: قَتَلْتُ الْحُسَيْنَ. قَالَ: وَكَيْفَ قَتَلْتَهُ؟ قَالَ: دَسَرْتُهُ بِالرُّمْحِ دَسْرًا، وَهَبَرْتُهُ بِالسَّيْفِ هَبْرًا، وَمَا أَشْرَكْتُ مَعِي فِي قَتْلِهِ أَحَدًا، قَالَ: أَمَا إِنَّكَ وَإِيَّاهُ لَنْ تَجْتَمِعَا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ. فَقَالَ لَهُ اخْرُجْ [٣] .

وَرَوَى شَرِيكٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عمير. ورواه صالح بن موسى الطلحي، عن عاصم بن بَهْدَلَةَ أَنَّهُمْ ذَكَرُوا الْحُسَيْنَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ الْحَجَّاجُ: لَمْ يَكُنْ مِنْ ذُرِّيَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ يَحْيَى بْنُ يَعْمَرَ: كَذِبْتَ أَيُّهَا الأَمِيرُ، فَقَالَ: لَتَأْتِيَنِّي عَلَى مَا قُلْتُ بِبَيِّنَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، أَوْ لأَقْتُلَنَّكَ. فَقَالَ قَوْلَهُ تَعَالَى وَمن ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ ٦: ٨٤ [٤] إِلَى قَوْلِهِ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى ٦: ٨٥ [٤] فَأَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ عِيسَى مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ بِأُمِّهِ، قَالَ: صَدَقْتَ، فَمَا حَمَلَكَ عَلَى تَكْذِيبِي فِي مَجْلِسِي؟ قَالَ: مَا أَخَذَ اللَّهُ على الأنبياء لتبيّننّه للنّاس ولا تكتمونه. قَالَ: فَنَفَاهُ إِلَى خُرَاسَانَ [٥] .

وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَاصِمٍ: سَمِعْتُ الْحَجَّاجَ، وَذَكَرَ هذه


[١] تهذيب تاريخ دمشق ٤/ ٦٣.
[٢] تهذيب تاريخ دمشق ٤/ ٦٣، وفيات الأعيان ٢/ ٣١.
[٣] تهذيب تاريخ دمشق ٤/ ٦٣، ٦٤.
[٤] سورة الأنعام- الآيتان ٨٤/ ٨٥.
[٥] تهذيب تاريخ دمشق ٤/ ٦٨ وفي طبعة القدسي ٣/ ٣٥١ «اتقوا» .