وكان يشترط على الفرنج فيما يشتريه منهم من الحيوان أنْ لا يكون قد شرب من ماء الثَّغْر، ويحلّفهم، وأن لا يكون مشتركا ولا غصْبًا. ومهما لاحت له شُبهة تركه.
وكانوا يتنافسون في معاملته ويغتبطون.
وقال: خرج رسولهم إليَّ مع الوالي، فأردتُ أن يعلم الحال فقلت للتُّرْجُمان: أَعْلِمه أنّني ما أعاملهم إلّا لأنّهم عندنا غير مخاطبين بالحلال والحرام، فهم كالبهائم، وأمّا المسلمون فإنّهم قاموا بالوظيفة العُظْمى، فخوطبوا بالحلال والحرام. فالمسلمون هُمُ النّاس. فأنا كمختار السّياحة بين الوحوش ومزاحمتها في أرزاقها. وما ذاك لفضل الوحوش على الإنس، بل لطلب السّلامة.
وكان يقول: لا ينالني من مصر إلّا الماء، وليته كان صافيا. يُشير إلى ما يُنفق في عمل الخليج.
وكان يقول: من ادَّعى أنّ المحسن والمسيء يستويان فقد ادَّعى عظيما.
وقال: لولا الطّباع لكان المحسن هو المسيء والمسيء هو المحسن.
وبعث إليه الملك العادل ألف دينار فشدّد في النُّفور والنَّكير.
وحجّ مرّة إلى دمشق على حمار ومنها إلى مكّة على جَمَل. وتزوَّد إلى دمشق خرج خرنوب، ونزل بظاهرها على حافّة النّهر.
قال: ونفد منّي الخرنوب فسألت فإذا كلّ ما بدمشق مضمّنا حتّى الملح، فدُلِلت على حوارنة يجلبون تينا يابسا، فجلب لي رجل خرجا من تين فكان زادي إلى المدينة، فاحتجت إلى الزّاد بها فاشتريت تمرا زوّدني إلى مكّة.
وكان يقول: أنا القبّاري ولي أكثر من ستّين سنة ما قدرت أن آكل قبّارة لأجل الشّركة.
وكان من الشُّجعان المعدودين. كان في أوائل شبابه قد لقي أربعة عشر نفسا من الشّلوح بمطرق كان معه فأجلاهم باللّيل حتّى بلغوا باب القنطرة.