للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الّذي قصد دمياط نَوْبَة المنصورة.

كان مُتَّسع الممالك، كثير الجيوش والبلاد، عالي الهِمَّة، ذا رأي ودهاء وأموالٍ وحَشَم، أسره المسلمون يوم المنصورة فقُيِّد وحُبِس في دارٍ كان ينزلها فخرُ الدّين بن لُقْمان الكاتب، ورسّم عليه الطّواشيّ صبيح المعظَّميّ، ثمّ استفَكّ نفسَه بأموالٍ عظيمة. وفي ذلك يقول ابن مطروح:

وقل لهم إنْ أضمروا عَوْدةً ... لأخذ ثأرٍ أو لقصدٍ صحيح

دارُ ابن لُقْمان على حالها ... والقَيْدُ باقٍ والطُّواشيّ صبيح [١]

وكان هذا الملعون في همّته أن يستعيد القدس. وكان هلاكه بظاهر مدينة تونس، فإنّه قصدها وبها المستنصر باللَّه محمد بن يحيى بن عبد الواحد، وكاد أن يملكها، فأوقع الله الوباء في جيشه فهلك هو وجماعةٌ من ملوك الفرنج، ورجع الباقون خائبين.

وقيل إنّ أهل الأندلس تحيّلوا حتّى سمّوه، وأراح الله الإسلام منه.

ولقد كاد أن يستولي على إقليم مصر، فإنّه نَازَل دِمياط، فهرب منه العسكر الّذي تجاهها لحِفْظها، فلمّا رأى المقاتلة الذّين بها وأهلها هروب العسكر تبِعُوهم هاربين تحت اللّيل، بحيث أنّ دمياط أصبحت وما بها أحد، وتسلَّمتها الفرنج بلا ضربةٍ ولا طعنةٍ ولا امتناع لحظةٍ بذخائرها وعدّتها وخيرها، وكان ما قد ذكرناه من الحوادث، فبقيت في أيديهم نحوا من سنة ونصف.

والفرنسيس، ويدعى ريذ افرنس، ينازل بجموعه يحامي عنها، والمسلمون


[ () ] ٧١٤ وفيه: «بواش» ، والدليل الشافي ١/ ٢٠٢، والنجوم الزاهرة ٧/ ٢١١.
وانظر: القدّيس لويس حياته وحملاته على مصر والشام- تحقيق د. حسن حبشي- دار المعارف بمصر ١٩٦٨.
[١] البيتان في ديوان ابن مطروح- طبعة إسطنبول- ص ١٨١، وذيل مرآة الزمان ٢/ ٢١٣، ودرّة الأسلاك، وفوات الوفيات، والوافي بالوفيات، وصبح الأعشى، والسلوك، والمنهل الصافي، وغيره.